عفواً أخوتي القراء فإن مادة(انتخب) تملأ في هذه الأيام الآذان وتشغل الوجدان، ومن ثم جاء هذا العنوان (حوار مع ناخب)، ومادة(حاور) في أوجز دلالاتها اللغوية هي المحاورة بمعنى المجاوبة، ومراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، واتسع الاستعمال اللغوي في العصر الحديث، ليعني تحاور وتبادل الأفكار في هدوء لتقارب وجهات النظر في القضايا المهمة! وقد لا يخلو الحس اللغوي- للمادة- من إزالة الحيرة في أمر ما!! والكلمة أهدأ وأجمل من كلمة ناقش المنتشرة حديثاً! من الاستعمال القرآني لهذه المادة قوله تعالى -مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم -في شأن الصحابية التي أشتكت من معاملة زوجها لها- يقول تعالى: (.. والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) والحوار الذي أروي طرفاً منه هنا- دار بيني وبين أحد الذين يودون الأدلاء بأصواتهم مراعين رضاء الله عليهم، وإرضائهم هم لضمائرهم! قال صاحبي إن بدائرته الانتخابية حوالي عشرين مرشحاً، منهم ستة من المستقلين، ووقف عند (مستقلين) هذه ، فقال: إن بالبلاد عدداً كبيراً من الأحزاب بأطروحات تتباين بين أقصى اليمين- إلى أقصى اليسار! في هذا- الاستقلال؟ قلت له إن للقضية أبعاداً أخرى، فقد يكون هذا المرشح من أهل اليمين المؤمنين بأهمية الطرح الإسلامي، لتحكيم الدين في حياتنا بكل قيمه العادلة وسلامة مشروعه، في بناء الحياة القادمة! لكن هذا المرشح لم يجد مكاناً في حزبه ليكون أحد المرشحين، فدفعه حبه للمنصب والجاه لهذا الاتجاه المستقل، وقد يكون هذا المستقل من الذين يرون في دواخلهم أن الطرح العلماني المتحرر من التزام الدين الصارم- (أعني العلمانية)- يراه هو الأمثل والأقوم، لكنه يختشي من هذا الطرح الذي يتبناه- بوضوح- الحزب الشيوعي ومن يرون رأياً قريباً من رأيه.. فهذا المستقل يخشى من الوضوح الذي ربما اختلف مع الجذور المكونة لشخصيته أو قل شخصية قومه، ولا غرابة، فهذا المعنى نجده حتى عند بعض أحزابنا ذات الأصول الإسلامية، لكنها لحاجة في نفس يعقوب لم تشأ أن تكون صريحة، فأنشأت هذا الحزب، أو ذاك، وامتد آخرون وقالوا نحن مستقلون. وقال صاحبي، وما شأن رئاسة الجمهورية؟ قلت هو نفس المنهج، لكن شعبنا بفطرته الإسلامية السليمة، وبمتابعاته لما يجري حولنا من أحداث تستهدف الوطن، ووحدته، ومستقبله، رأي أن في مواقف الرجال من الوضوح فكراً وعقيدة وصلابة وبُعد نظر، ما يجعل الاستطلاع يشير إلى فوز المشير البشير، بهذا الشرف العظيم وتحمل المسؤولية.. ورحم الله المتنبي القائل: لولا المشقة ساد الناس كلهم... الجود يفقر والإقدام قتَّال.