يتململ (عبدو) في كرسيه ويتصبب عرقاً وهو يمتحن في أول اجتماع يعقده في حياته إثر ترشيحه لنفسه في المنطقة التي حصيلته فيها أنه معروف بال «الشتارة والرواشة» ورغم أن العدد المقدّر من الحضور من ذات المنطقة إلا أن دافعهم للحضور هو رؤية (عبدو) في ثوب الانتخابات بعد أن أدمنوه في ثوب «الشتارة» في صيوانات العزاء والأعراس.. لم يكن عبدو يظن أن موضوع مواجهة الجمهور بهذه الصعوبة خاصة وأن الأمر كله جد ولا يحتمل ذرة من «الطرطشة» و «الهيافة» .. ولحكمة يعلمها الله كل الحضور كانوا سليطي اللسان ومكشوفي الحال.. وكأنهم أجمعوا على أن يكون سؤالهم الأول «أها يا عبدو .. برنامجك شنو..» ليرد عليهم «أنا الليلة داير أسمعكم» فتناولوا منه زمام الحديث قائلين «دايرين مجانية التعليم والصحة دايرين نتعالج مجاناً في مراكز ومستشفيات مجهزة .. دايرين مراكز ثقافية للكبار والأطفال.. دايرين تخفيف لعبء المعيشة ودايرين أولادنا يتوظفوا ويشتغلوا و.... و ..... ودايرين ....» فوجد «عبدو» ضالته في كلامهم ليحسم الاجتماع بقوله «أها يا جماعة دا برنامجي ببساطة كده». سجمكم! (عبدو) يعتقد أن الكل سذج ويمكن تمرير الأجندة عليهم... خاصة عندما أعد برنامجاً انتخابياً إنشائياً خطابياً أكثر فيه من عبارات البلاغة طباقاً وجناساً ولا سيما وينبغي ومافتى وما انفك.. مما حدا بالبعض للتساؤل خاصة كبار السن (يا زول الجنى دا بيقول في شنو؟).. ليرد عليه الآخر «فلسفة يا شيخ ونضم ساي .. طق حنك»... «يعني الزول دا ما بيعمل لينا حاجة» «كدي أصبر النشوف آخر كلامو شنو»... ليواصل «عبدو» في خطابه «لابد من إعمال مبدأ التمايز في الأداء وفقاً لأيدولوجية الأفكار العميقة اعتباراً للنوع والفروقات الأدائية في مجمل المنشط الإنساني..» ليظل الجميع فاغرين أفواهم من شدة عدم الفهم للكلام الكبار جداً خاصة الأعمام والأخوال كبار السن ... لدرجة أن أحدهم حذّرهم قائلاً «سجمكم جاييكم طير عجمي». آخر الكلام: ببساطة كدا إن فاز (عبدو) الأول أو الثاني مشكلة وسجمكم.