ما الذي حدث؟... هذا السؤال باغتني به أحد رفقاء الغربة بعد عودته قبل أيام ليطفئ نار أشواقه التي تراكمت على مدى 5 سنوات متواصلة لم تنعم خلالها رئته بشهيق أو زفير أي هواء سوداني، ولا حتى (كتاحة). وجه لي ذلك السؤال كردة فعل لملاحظته عدم الاهتمام العام بالاجتماع على وجبة الغداء.. وقال: زمان كنا عندما نسمع (أيها الريااااضييون..) ونحن إما على ظهر حافلة أو في انتظار أخرى .. نعلم أن الاجتماع مازال معلقا ريثما نصل رغم أن موعده حان.. كل الناس كانوا يستمتعون ببرنامج عالم الرياضة أثناء الغداء، وبه يؤقتون للاجتماعات الأسرية المتزامنة ... يومها ما كان يمكنك أن تلتقي أحدا في الشارع في هذا التوقيت إلا وتجزم أنه غريب أو عابر سبيل. ولم يغب الحرص على الغداء في البيوت وحده بل اندرست معه كل فرص الراحة وسط النهار أو في آخره حيث بات النهار رغم أن ساعاته مازالت كما كانت ولم تنقص، لايكفي لإنجاز كل أجندات الصباح.. تماما أصبح الخلود إلى النوم نهارا أمرا مستبعدا في ظل حراك لايهدأ قبل منتصف الليل ليعود المحظوظون إلى بيوتهم مع دخول الليل أما من يؤدون مهاما استثنائية كالصحفيين المناوبين ليلا فلن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم قبيل منتصف الليل ليدفع الزغب الصغار فاتورة الغياب... بالتأكيد فإن هؤلاء يتأرجحون بين إفراط وتفريط. وبعد أن وجد باحثون في هارفارد أن أخذ فترة قيلولة طويلة نسبيا يحسّن أداء العاملين والموظفين وحتى الطلاب الذين يعانون من تعب وإرهاق وانخفاض ذهني ملحوظ مع غروب الشمس وانتهاء النهار فإن العمل لساعات طويلة متواصلة دون انقطاع يؤدي إلى تواضع القدرات المهنية بشكل تدريجي قد يهدد إنتاج من يتعرضون لذلك مستقبلا... خاصة وأن الباحثين أوضحوا أن القيلولة لمدة 60 - 90 دقيقة فقط وخصوصا عند الساعة الثانية بعد الظهر يحسّن الأداء العملي للإنسان بنفس الدرجة التي تمنحها ساعات النوم المريحة أثناء الليل. ü الحرص على البقاء ساعات تأكل من صدر النهار وسنام الليل ألذ أوقاتهما في المكاتب أو مواقع العمل دون أن يكافئ الإنتاج هذه الساعات، يؤدي مستقبلا لاستمراء الترهل والتسويف وبالتالي يخسر كل من صاحب العمل والموظف معا وإن حاول الأخير إيهام الأول بأنه (أعطى المؤسسة الكثير من وقته). احترام ساعات العمل ال8 ومراعاة إدارة الوقت خلالها تغني كلا من أصحاب العمل والعاملين شر الإفراط أو التفريط. إهمال العمل وضعف الإنتاج لم يعد استثناء أو شاذا لايقاس عليه كما كان.... ففيم العيب؟ أفي زماننا كما قلنا أم فينا كما قال إمامنا الشافعي رضي الله عنه (نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا).