رداً على ما جاء في عمود «مع الأحداث» تحت عنوان «ما بعد الانتخابات» بقلم الأستاذ محمد الحسن درار«آخر لحظة» العدد 1279 بتاريخ 1/3/2010 وأبدأ بسؤال حير العقول والعاقلين. فهل الانتخابات المزمع.. قيامها في أبريل القادم هي حقا مشروعا أم هي هبة وكرم من النظام الحاكم؟.. فإن كانت حق مكتسب فلماذا إذن يضيق على الشعب ويقيد بل ويفرض عليه اختيار من يمثله، هذا إذا افترضنا بأنها ستكون انتخابات حرة ونزيهة.وقبل أن أخوض في هذه المتاهة أرجو من المفوضية العليا للانتخابات أن تجرى ورشة عمل عامة لكل الشعب وتبثها على جميع القنوات الفضائية وعبر الأثير تشرح فيها المعنى الحقيقي للحرية والانتخابات الحرة والنزيهة وأخشى أن يكون المعنى مثل شارع الحرية المؤدي للسجانة أو مثلها، كنا نقرأ بأن هذا المنزل لأحرار والله أعلم. نحن حقيقة لم نرث من السياسيين في هذا البلد غير الثرثرة والنفاق وكثرة الكلام وهلم جرا. نتحدث عن الديمقراطية ونجهل مضامينها وجنسيتها ومكان إقامتها ثم نتحدث عن النزاهة والاختلاسات تتعدى الأرقام الفلكية ومدائن الأسمنت تحجب عنا شعاع الشمس والمفسدون ينعمون برغد العيش والحياة المترفة ونسميهم نحن «بالمفتحين» لأنهم استطاعوا بذكائهم أن يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته دون أن تطالهم يد العدالة. وأن خير من يحدثكم عن أصل الفساد والمفسدين هو رجل أسمه «أمين بناني نيو» المرشح للولاية وهو من العارفين ببواطن الأمور، وهو رجل لا يتحدث إلا بالأدلة والبراهين. هذا فيما يختص بشعارات الحرة والنزيهة. أما إن كانت الانتخابات هبةً وكرما من النظام الحاكم فلماذا كل هذا الضجيج وهذا الخوف والتوجس من السقوط، نعم هي عشرون عاماً مضت والنظام ممسك بقبضة حديدية كشفت للناس الكثير وبرغم التمكين لا زال النظام يهاب هاجس التغيير الذي لا بد منه، تعجبت حقيقة لكل كلمة كتبها هذ الأستاذ الجليل، الذي سأل سؤالاً لازالت مراراته عالقة في حلقي حيث ذكر بأن المرشحين يضعون في الاعتبار أن لهم ناخبين سيصوتون لهم فيا عجبي والله لم أسمع بصحفي يكتب من منازلهم وبالطبع لم يتابع الساحة السياسية ولم يشهد يوماً تدشيناً واحداً لأصغر وأفقر حزب، هذا بغض النظر عن الأحزاب صاحبة الصيت والإمكانيات، فالحملة لازالت في بداية الطريق فلماذا يسعى الأستاذ درار لتكسير المجاديف ويستهين بقدرة الشعب المتحمس على التغيير والمتطلع لقيادة جديدة تعبر به إلى شواطئ الأمان ولماذا يفرض شخصاً بعينه وهناك عدد من المنافسين يستعدون لخوض هذه المعركة وأعدوا لها عدتها التي تمكنهم من الفوز. فهل يضيرك هذا يا درار في شئ هذا جانب والجانب الآخر هو الشك في نوايا الأحزاب و«إن بعض الظن إثم» وهذا ما ارتكبه كاتب المقال المطالب بالتوبة والاستغفار إن أراد أن ينجو من حساب الله. أيضاً تحدث هذا الدرار بسخرية لا تحتمل إذ قال: «ماذا قدم الذين ترشحوا على المستوى الرئاسي» سؤال يجيب عليه هو بنفسه إذا كان قادراً على محاسبة من لا يملك السلطة والجاه أهذا هو الصوت المرتفع الذي أراد أن ينادي به. ثم عرج كاتبنا إلى هاوية سحيقة وأبدى الحنية والرأفة وحسناً بأنه مشفق على الدولة من الإرهاق جراء منصرفات الانتخابات وفي نفس الوقت يهزأ من عجز الأحزاب التي فشلت في إقامة ليلة سياسية واحدة، فمن قال له بأن المفوضية أو الحكومة قاموا بدعم هذه الأحزاب التي أخذوا منها رسوم الاستمارات والترشيح ورسوم البث التلفزيوني والإذاعي ولم يتحدث صاحبنا قط عن ما صرفه حزب المؤتمر الوطني الذي تكفي لافتاته فقط لإقامة مشاريع تنموية عظيمة تقلل من حجم الفقر والعوز والبطالة وكما ذكر بأن العشرين عاماً لا تساوي شيئاً في عمر الشعوب سامحك الله يا درار. أما عن استمرار رأس الدولة وأركان حربه لتكملة المشوار فهذا أمر يجب أن لا يتدخل فيه أحد وستحسمه صناديق الاقتراع إن كانت فعلاً هناك انتخابات حرة ونزيهة، فالسودان يا سيدي العزيز ما زال يرزح تحت ظل الفقر، وإنسانه منهك القوى مشتت الفكر جائع عليل يتمسك بحبل الصبر ولازال يحلم بالتنمية والخدمات واقتصادنا الوطني يغني عن السؤال والفساد يزكم الأنوف ونيفاشا أتت لنا بشريك مخالف يكتنفه الغموض وتتقاذفه الأمواج وحكومة الجنوب التي هي جزء من المليون ميل مربع تتفوق علينا بأربعة بطاقات اقتراع، ليتك كنت صادقاً وأميناً يا درار.. اتقِ الله يا أخي ودع الخلق لخالقها، دعوا الناس يختارون ما شاءوا وكفاية تملقا ونفاقا وانحيازا فاضحا فالعيب ليس في النظام وإنما العيب فينا. «ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه واستغفر الله العظيم لي ولكم. عوض أبو الحسن صالح