الحياة حلوة.. عنوان لحن لفريد الأطرش، وحقيقة الأمر الحياة ليست حلوة، بل هي أمرَّ من العلقم.. ولكن تمر بها لحظات حلوة كثيرة في إجمالها.. وفي تيارها العارم ومسراها العام.. والذي رأى فريد الأطرش في أخريات حياته، يرى أن الحياة ليست حلوة.. ومع ذلك يغني مع هذا الإنسان الجميل (الحياة حلوة). رأيت فريد الأطرش آخر مرة- في الخرطوم عام 1976م عندما جاء ليغني في احتفالات أعياد مايو مع كوكبة من أهل الفن والابداع.. ورغم أن مرض القلب قد أثقل عليه.. بحيث يمكن أن تنتهي وصلته في أية لحظة، ولكن مع ذلك كان الفنان الكبير كتلة من الإصرار والابداع والعطاء والسماحة والجمال.. وكأنما كان شعاره. (ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل). لقد تأملت في حياة الكثيرين من أهل الابداع، فلمحت في عدد كبير منهم إصراراً على الحياة وعزماً لا يلين على العطاء.. وإرادة من حديد لتحدي المرض والاعاقة، ولدينا في السودان نماذج باهرة منهم تحدت كل ذلك، وأصرت على أن تعطي بلا منٍ ولا أذى، نماذج النعام آدم وحنان النيل، ونبوية الملاك، ونماذج التاج مصطفى، وعبد الدافع عثمان (الجعلي العمرابي الأصيل) حفيد الشيخ حامد (وبالمناسبة.. التاج حفيد الشيخ الطيب) كل هؤلاء وغيرهم.. كانوا نموذجاً للأمل وللتعلق بالحياة وبالعطاء وبإبهار وإسعاد الآخرين.. أما النماذج خارج الحدود فلا تحصى ولا تعد.. والعقلاء من أدركوا أن رحلة الحياة هكذا ( حلومر).. وقديماً قال الشاعر: إنما نعمة قوم متعة وحياة المرء ثوب مستعار ولم يقولوا كما قال الأصمعي: ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر تنبو الحوادث عنه وهو ملموم بل قالوا كما قال أبوبكر الصديق رضى الله عنه.. حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وأعمل لآخرتك كأنك تموت غداً