من التقاليد البرلمانية السودانية الراسخة افتتاح كل دورة برلمانية بخطاب ضافى وشامل من السيد رئيس الجمهورية يبين فيه خطط وبرامج الدولة التى تم إنجازها سابقا أو تلك التى تود تنفيذها فى المرحلة القادمة، ثم يترك لبيانات الوزراء تفصيل ذلك من خلال الجلسات اللاحقة. ليقوم البرلمان بإعداد (خطاب الرد) على خطاب السيد الرئيس يحوى ملاحظات الأعضاء الجوهرية والاستدراكات المهمة ويسلم عادة فى نهاية الدورة البرلمانية بمقر الرئاسة تحمله لجنة عالية المستوى برئاسة رئيس المجلس. هذا السلوك والتقليد البرلماني التليد، يشبه ويتطابق مع التقاليد الراسخة فى المجتمع السوداني التى توجب عرفاً على المزور رد الزيارة لزائره والوفاء بآداب (الختة) فى المناسبات الاجتماعية، أو (بل الماعون) المتعارف عليه فى الأسر السودانية. تخضع القوانين والبرتوكولات الدولية والاتفاقية الثنائية لسلسلة من الإجراءات النمطية التى تنظمها لائحة أعمال البرلمان. تبدأ وبالإيداع ثم القراءة الثانية التى يكتفى فيها بمناقشة السمات العامة ثم تليها مرحلة القراءة الثالثة وهى مرحلة إدخال التعديلات الضرورية لتختم إجراءات الإجازة النهائية للقانون أو البرتوكول(القراءة الرابعة) التي يجاز فيها القانون كاملاً على أن يقرأ على الأعضاء ويجاز مادة مادة قبل أن يعرض بإجماله لأخذ الرأي النهائي. ذلك ما دعاني للتأكيد على حاجة عضو البرلمان لكمية هائلة من الصبر وتنمية مهارة الاستماع، خاصة وأن التقاليد البرلمانية لا تزال- رغم التطور التقني- مرهونة لأداء التقارير المكتوبة على الورق وبتفاصيل مملة فى كثير من الأحيان. يحضرنى أن أشير أن البروفسير الزبير بشير وزير الداخلية السابق كان صاحب تجربة جريئة فى استخدام التقنية الحديثة فى تقديم تقاريره إمام البرلمانPowerPoint). )وتأسفت مرة على ركون وزير الإعلام والاتصالات للنمط المعتاد و فى امكانه وبين يديه عن يعبر عن تقارير أداء وزارته بما تحمل فى جوفها من تقنية وإبداع !! يعتبر المجلس الوطني المنصرف مستودعاً عظيماً للقيادات السياسية المتميزة والخبرات الوطنية الكبيرة والزعماء المشاهير، لكل بصمته وطريقته فى التعبير داخل قبة البرلمان وخارجه، عندما يمسك الرائد معاش أبو القاسم محمد إبراهيم بالمايك فالجميع موعودون قطعاً بخطبة حماسية ثورية تكشف زيف الأحزاب الطائفية وتدعو لاتخاذ القرارات العاجلة الحاسمة، أما الشيخ حسن أبو سبيب فتلك حنجرة لا تخطئها الأسماع ويذكر صاحبها بخطباء الأجيال المخضرمة من قادة الوطن هو بالرغم من انتسابه لكتلة التجمع الوطني والتعبير نيابة عنها إلا أن أنفاس الحركة الإسلامية وفكرها المعطون فى جوفه المعتق تأبى إلا أن تفضحه من خلال خلجاته وبتعبيراته. يمثل الأستاذ غازي سليمان المحامى كتلة فكرية ذات نكهة خاصة به ....فهو من جهة خبير فى القانون وأضابير السياسة واحد شهود العصر عليها ومن المدركين لفنون العمل النيابي والبرلماني ومن جهة أخرى يعتبر أحد ممثلي الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي ظل يسبب لها حرجا بالغا بمشاركته وإسهاماته الموضوعية مقابل عدم الموضوعية الذي تتميز به الحركة الشعبية وظل يمثل لها ( خازوقا ) بحضوره الحسي والمعنوي بقبة البرلمان حتى عندما تغيب الحركة لو تقاطع الجلسات، ويصر الأستاذ غازي دائما أن يعرف نفسه قبل كل مداخلة وحديث بانتمائه للحركة الشعبية لتحرير السودان بطريقته الجاذبة حتى ضاقت به الحركة مؤخرا وطالبت بطرده من البرلمان . يظل حرص الأستاذ سليمان حامد ، علي تشكيل حضور دائما في كل الجلسات دون غياب .... يظل موقفا مدهشا وجديرا بالاعتبار ، ويلفت النظر بشدة لحرص الحزب الشيوعي السودان وإصراره علي الحضور المؤثر في الساحة السياسية الوطنية ، وقد لاحظت أن لممثل الحزب الشيوعي فى البرلمان رأيا في كل ما يطرح داخل الجلسة وإذا لم تتيسر له الفرصة داخل القبة ألحق رأيه بتصريح صحفي لمناديب الأجهزة الإعلامية خارج القبة !! ويتم ذلك بجرأة ومعلومات تدل علي التحضير الجيد والمتابعة الخارجية. أما المساهمات النسائية فتعتبر الأستاذة بدرية سليمان (جهيزة) البرلمان التى تقطع قول كل خطيب، فهي تمتلك ذخيرة قانونية حية وحجية بارعة فى إدارة الحوار والانتصار للحيثيات بطريقة يفشل فى مواجهتها أبرع المعارضين. أما البروفسير الحاجة سعاد الفاتح البدوي فهي متخصصة فى المدفعية المضادة لدبابات الباطل وجحافل التحدي لمعطيات المشروع الحضاري، لا تترد فى الاقتحام و التصدي لكل أمر له فيه مقال. ونواصل