أولهم أفاد «إنهم يستهزئون بأنفسهم قبل الشعب السوداني»!! ثانيهم أفاد «لاعبو الديربي السياسي السوداني القدامى يتكلمون أكثر مما يفعلون»!! ثالثهم أفاد «إن المؤتمر الوطني لا يستحق كل هذا»!! التقيتهم وكأنني على موعد مسبق معهم، كانوا ثلاثة وأنا رابعهم فجلسنا نتسامر ودون مقدمات دخلنا عنوة متاهات الانتخابات المقبلة.. أكبرهم يكبرني سناً وعقلاً، وثانيهم أكن له الكثير من التقدير والاحترام وبلا حدود، وثالثهم أي أصغرهم فقد تقدم عقله كثيراً على عمره الحقيقي. هذه المجموعة تلطفت كثيراً بمسامرتهم ولكن بمجرد دخولنا ساحة الانتخابات أخذ كل منهم يدلي بدلوه: أولهم: كان أكبرهم والذي تفتحت عيناه في سبعينيات القرن الماضي، ذكر أن ما يدور في الساحة السياسية حالياً هو أن قيادات الأحزاب يستهزئون بأنفسهم قبل الشعب السوداني، أي بمعنى أن معظمهم حكموا البلاد، وكان السودان في تلك الفترة «رجل أفريقيا المريض» وهذا يعني أننا كنا متأخرين في كل شئ ، بنياتنا التحتية ومأكلنا ومشربنا وصحتنا وكل ما يتعلق بالوطن والمواطنين، فقد كانت البلاد ينقصها الكثير والكثير جداً في عهدهم ولايوجد بها أبسط ضروريات الحياة «وثالثة الثالث» أي في مؤخرة الدول المتأخرة. ثانيهم: أفاد أن الذين يودون الترشيح الآن «هم لاعبو الديربي السياسي السوداني القدامى، يتكلمون أكثر مما يفعلون» هذا كان عهدنا بهم، فذكر أن عينيه تفتحتا في ثمانينيات القرن الماضي وأن حكام تلك الفترة كان يراهم الشعب كثيراً في أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وكان ظهورهم فقط ليوضحوا لمواطنيهم أنهم هم المسؤولون عن الدولة لا أكثر ولا أقل، وكانت الدولة آنذاك ينقصها كل شئ. الاتصالات في حضيض مستواها فإن أردت الاتصال بالخرطوم بحري يأتيك الطرف الثاني من مدينة الأبيض، وأن أردت الاتصال بمدينة جوبا يأتيك الطرف الثاني من مدينة بورتسودان هذا من ناحية، أما من ناحية المواصلات فهي التي تركها لنا المستعمر ولا جديد فيها والطرق حدِّث ولا حرج، فقد تحتاج لأيام لتصل للخرطوم من أقاصي الشمال وكذلك من أقاصي الغرب، ولأيام من الجنوب ولمثلها من الشرق. وكانت الصحة العامة في أقل مستوياتها والمواد التموينية وكلمة «تموين» يعرفها ويحفظ حروفها حتى الأطفال الرضع. وأما ثالثهم: والذي ذكر أن المؤتمر الوطني لا يستحق كل الذي يقال ضده، فقد تفتحت عيناه في تسعينيات القرن الماضي وذكر بأن بدايتهم كانت قد تخللتها المشاكل وكثر أعداؤهم، وعندما قوى عودهم اجتهدوا كثيراً لتعمير البلاد وكذلك اجتهدوا في استخراج الذهب الأسود وبدأت آثار النعمة في وجه المواطن السوداني فمن هنا تآمرت عليهم قوى الشر والعدوان من كل جهة، سواء من داخل البلاد أو خارجها، وزاد الحقد على المؤتمر الوطني عندما بدأ بدايته الفعلية نحو التنمية والتعمير وأخذت الطرق تنتشر في كافة أرجاء المعمورة وكذلك العمران وثورة التطوير والاتصالات حيث بدأت من حيث انتهت الدول المتقدمة وحدثت زيادة كبيرة في عدد الجامعات حتى وصلت إلى «26» جامعة، ومشروع تطوير العاصمة القومية وربط مناطقها ببعضها البعض عن طريق الكباري والطرق إلى أن أصبحت الخرطوم مقراً شبه دائم للمؤتمرات كمثيلاتها من عواصم الدول المتقدمة. ومن ناحية أخرى أخذت محطات البترول تزداد يوماً بعد يوم مع ما يرد للبلاد من سيارات من كافة الموديلات وجهات الصنع وأصبحت المواصلات في تطور مستمر ومتزايد وكذلك المحلات التجارية المتطورة والتي تضاهي أفخم المحلات بأفخم مدن العالم وكذلك التطور الكبير في مجال الصناعات.. وكذلك التطورات الملموسة في مجال الصحة ومجالات أخرى كثيرة يعرفها قدامى الساسة قبل أن يعرفها أصحابها الحقيقيون والمتمثلون في المواطن السوداني العزيز. وفي ختام جلستهم توصل ثلاثتهم واتفقوا على: أن المواطنين بالسودان فيما قبل التسعينيات عاشوا بمستوً يصل الحضيض.. ولكن ما يعيشونه الآن بالطبع يعتبر نعمة يحسدون عليها.. ورغم ذلك لم يتركهم الذين يهدفون لاعتلاء كراسي الحكم باعتبار أنهم أوصياء على الشعب، وهؤلاء القادة غاب عنهم أن هناك مساحة كافية للمؤتمر الوطني يمتلكها لإكمال مسيرته لتكتمل «شمومة النعمة» إلى نعمة كاملة في ظل الديمقراطية القادمة والتي سيكون لها أثراً كبيراً في عقلية المعارضة، وسيكونون أول الحاسدين لهذا الشعب الطيب ولا يتمنون له الحياة الرغدة.. علماً بأن الانتخابات القادمة مصيرها لحكم المؤتمر الوطني وسيتخللها الكثير من القومية والمستفيد منها أولاً وأخيراً هو المواطن السوداني. يوسف مصطفى الأمين المسعودية