لقد تأهبت الدنيا كلها بخيلها ورجلها وطيرانها.. تأهبت (للشورى الانتخابية) بالسودان.. وأفردت لذلك- (أي الدنيا)- منظماتها ورواصدها و (فومها وعدسها وبصلها) لتحوط بهذا الحراك العصري.. الذي مهدت له (حكومة الإنقاذ)، بل (حكومة الشراكة الوطنية)، ولنقول للنابهين(إنا أعطيناك الكوثر)أي الهناءة والرواء، فأحمد الله- (فصلِ لربك وانحر) بُدناً وأبقاراً وكباشاً.. وكل ما راق لك من الشواء والعصائد والعصائر.. حتى يأتيك اليقين بعد حين- وما اعترانا أو حان بنا ظرف معتبر.. إلا وكان الرئيس الأمريكي الأسبق(جيمي كارتر) إلا وكان معنا شاهداً وراصداً ومعلقاً.. فعزمه يعلو على كل مثبطاته.. فكأنه يعيش معنا فحوى مقولة التجوال والسفر: (سافروا ففي الأسفار خمس فوائد تفريجُ همٍ، ونيلُ علمٍ، وإكتسابُ معيشةٍ.. وإدراك شأنٍ وصحبة ماجدٍ) أو هكذا.. وعلى موزونة(ليس من رأي كمن سمع)، فإن أنشأ(مركزاً) أو دائرة للرصد والتحليل والمتابعة.. لكي يعطي حكمته وخبرته وتجاربه للدول المتطورة.. الرامية والمشرئبة للغد.. تنطلق من ثقتها بالأعالي: (.. ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)، فلعل الرئيس الهميم (كارتر) يشبهنا ويماثلنا كراعٍ محترف من ولاية(جورجيا)، التي تشبه ولايتنا السودانية (كردفان).. وحكمة المسلمين السرمدية تقول في المسؤولية العليا:(ما من نبي إلا ورعى الغنم)، ولهذا ومن هذا تنبع وتتجلى اليقظة والهمة الناجمة وهو أيضاً من المزارعين الناشطين.. حتى قبل أن يكون- حاكماً- أسبق لأمريكا، وقد نأخذ منه نحن خبرة زراعة الفول السوداني.. الذي عرفنا به كسودانيين، وله استخدامات وإيرادات ومصادر شتى.. فهو (أي كارتر)، وإن بلغ عمراً متقدماً فهو لا يحني هامته.. وإن جاءنا بالخرطوم لا يتكئ بفندق (الأراك) ببحري.. إنما يعجم ويهز كنانته من الشباب والشابات والخبراء، ويتوجه بهم إلى(جوبا) عاصمتنا الأخرى.. ويشهد الحدث (الشورى) ماثلاً أمامه.. ليرفد الآخرين بهذه التجربة وليرقب(مركزه) الاستطلاعي هذا عن كثب.. ويراجع أداءه.. فمن جاءنا معلماً وخبيراً صادقاً أفسحنا له المجال ليمدنا بحكمته لأنها منشودة عندنا.. ونحن مأمورون بأخذها ما أفادتنا في همنا الماثل.. عبر ظروفنا المتجددة، وإن قارن بيننا والآخرين في تجاربهم المماثلة فرأيه وبخبرة مركزه المراقب.. إنه يعطي الرأي المقارن.. وهو كرئيس أسبق.. لدولة تحوط بالعالم وتجاربه، يتنزل عليه طواعية الخبر، وقياس الظرف وإبداء الرأي.. وهو قد عجمنا فوجدنا لا نتعجل(للشينة)، وينصح بعضنا بعضاً.. وعندنا يتشبه المراقبون والناصحون يتشبهون عندنا بجماعات الصلح والأجاويد.. لأن المصلحين عندنا والأجاويد يؤدون القسم على (كتاب الله)، ويتعاهدون أمام (العزيز الجبار).. ولهذا يثق في جهدهم أهل المصلحة.. وهي اليوم كل السودان .. وهم في ذات الوقت تحرسهم جميعاً كتائب شتى.. لأنه(من رعى غنماً في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد)وهم مدركون..(أن الله يزع بالسلطان أي يردع ما لا يزع بالقرآن) كما أسلفت يوماً- وهم يدركون أن التهاون في ساعة الجد مهلك.. وأن القسوة في ساعة الرخاء خلل.. ولذلك تسود حكمة(شعرة معاوية)فما نعيشه اليوم من تنافس وتشاور يأتي في مناخ يحس فيه المواطن بكامل حريته، واختيار من يقوده في الإمارة العليا.. ومن يقوده على قمة الولايات ومجالسها الشورية، وأجهزتها التنفيذية والإدارية.. وبذلك ترسم خطوطها الدولية وتعاملها الاقليمي.. وتحريك منابر الرأي وتزجية الوقت.. وإن قال آخرون (خير الناس أنفعهم للناس)، فهذا هو الذي يحسه من يريد أن يتقدم الآخرين.. وقد نشطت الأجهزة والأقمار اللاقطة في نقل كل المستجدات.. وإنه لحدث فخيم عظيم، أما نحن وبطوافنا على بعض الولايات فقد أحسسنا ووجدنا اهتماماً بالغاً بالشورى الانتخابية، ولا يحتاج أحد في ظل المعطيات المصاحبة هذه أن يوجه أو يوصي.. لأنه قد عرف مثلنا الشعبي ( الجواب يكفيك عنوانه) وإننا ركبنا على سياراتنا ببعض الطرقات التي كنا نسير عليها بالدواب- يوماً- وجدناها (أي الطرق) قد رسمت وهُندست، وتبقى لبعضها السفلتة، فإننا إذن نقول كمركز (كارتر)، إن السودان اليوم لا يستطيع أحد أن يدلق عليه (ماء النار)، الذي يحرق الغافلين.. وإذا تم (الفرز) في ميقاته المضروب.. فما يسفر عنه هو على مرأى ومسمع العالمين.. ومن أراد أن يدلس على الآخرين، فإن أوراقه قد كشفت.. ولكن فلتوضع محاذير الطريق على إضاءة كاملة.. ليتفادى الجميع التضاريس والحفر.. وقد يقول مركز(كارتر)ما الفقر أخشى عليكم ولا أنتم أيها السودانيون قلة مستضعفة.. بل أنتم كثير (40) مليون.. فلا يغتب بعضكم بعضاً ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.. وأنا(أي كارتر) رئيس.. صاحب تجربة ودراية ومراس، ولكن أقول لكم كما قال سوداني عميق.. من بلدة( المجلد)قال يوماً (لنميري): (يارئيس لا تخف مننا نحن المواطنين .. ولكن الخوف ممن يجلسون حولك.. فنحن هينين) فبعد أن استشهد (كارتر) اقتباساً بهذا الموقف.. إذن ما هي النصيحة و(الدين النصيحة).. فالمخرج أن تكون(صلاة الفجر) حاضرة بالمساجد في وقتها- للرئيس والوزراء- كما يفعل (عمر) والدربة، والتأهيل على المسؤولية على أشده.. ونبذ التراشق.. وتمكين أجهزة الرقابة والحسبة- لنا ولمن وازرنا وطنياً.. وإن نترك(جنبي وجنبك) وتنشيط دوائر الترويح- لأن القلوب إذا كلَّت عميت).. و (رحم الله أمرئ عرف زمانه فاستقامت طريقته)، كما أثبت المصطفى صلى الله عليه وسلم.. وهكذا سنمضي صالحين بإذن الله.. الذي قال رب هب لي حكماً والحقني بالصالحين).