لقد كونت هيئة لترشيح المشير البشير لرئاسة الجمهورية عهدت رئاستها للمشير عبد الرحمن سوار الدهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي في العام الذي أعقب انتفاضة رجب أبريل عام 1985م، وحملت اسم (الهيئة القومية لترشيح المشير البشير لرئاسة الجمهورية) وفي تقديري أن المدعو اوكامبو المدعي العام لما يُسمى بمحكمة الجنايات الدولية بلاهاي، قدم دعماً ضخماً للمشير البشير يفوق ما قدمته الهيئة المشار اليها أضعافاً مضاعفة، بل أن ما قدمته الهيئة بالنسبة لما قدمه أوكامبو كالعهن المنفوش، ولهذا نرى أن ترفع هذه الهيئة صوت شكر لأوكامبو وتمنحه عضويتها الشرفية أو تكرمه برئاستها الفخرية!. وإن إحدى (الخواجيات) نطقت كلمة عربية، وحسب السامعين أنها أخطأت وقلبت المعنى، ولكن العالم النحرير البروفيسور الراحل عبد الله الطيب قال لهم: أصابت ابنة الأفرنج حيث أخطأت، وبنفس القدر فإن أوكامبو أصاب حيث أخطأ، وقدم للبشير هدية في صحن من الذهب الخالص.. وبالطبع أن أوكامبو هو مجرد مأمور وترس صغير في آلة كبيرة، ولكنه تطفل كثيراً وحشر أنفه ودخل في ما لا يعنيه، وتعدى اختصاصاته، بتعليقاته السخيفة، وتصريحاته التي أكد بها أنه مهرج سياسي، أكثر منه قانوني مهني.. وقد سعت القوى الخفية المحركة لأوكامبو أن تبتدع سابقة جديدة لم تحدث في تاريخ العالم من قبل، بالقاء القبض على رئيس وهو مازال على سدة الحكم، ومحاكمته، واعتبر السودانيون أن في هذا(محاولة لتعلم الزيانة في رؤوس اليتامى)، وإهانة لهم وتعدىاً على سيادتهم الوطنية. وتوجس رؤساء أفريقيا والعالم الثالث خيفة، لأن الرئيس السوداني لو ألقي عليه القبض بهذه الطريقة المهينة وحوكم، فإن لسان حال الكثيرين منهم يردد(أكلت يوم أكل الثور الأبيض)!!. وإن أوكامبو والقوة الخفية التي معه لم يدرسوا سايكولوجية الشعب السوداني، ولم يدركوا أن هذا الشعب يأبي الضيم، ولا يرضى(الحقارة)، وأن التدخل الأجنبي يدفن لاستعماره ولي ذراعه.. والشواهد على ذلك كثيرة، منها أن الخليفة شريف كان معتقلاً بسجن الساير وأخرج عنه قبيل معركة كرري، ولم يشمت على منافسه وخصمه الخليفة عبد الله عند دخول كتشنر بجيوشه، ولم يفرح لأن الخليفة سيطاح به، ويبعد عن رئاسة الدولة السودانية، ولكنه أعلن بكل نبل وقوفه بصلابة وتأييده المطلق للخليفة عبد الله ضد كتشنر، وفي معركة كرري كان الأمير يعقوب يحمل الراية الزرقاء، وكان الخليفة علي ود حلو يحمل الراية الخضراء، وكان الخليفة شريف يحمل الراية الصفراء وحارب برجولة في معركة كرري، واستشهد بعد ذلك في الشكابة، وبنفس طريقة الخليفة شريف فقد تناسى الكثيرون خلافاتهم وجراحاتهم مع الإنقاذ، وعندما أذاعت المحكمة الدولية بلاهاي إدعاءات أوكامبو، هب الشعب في مواكب عفوية ضد هذه العنجهية الاستعمارية، والتعدي على السيادة الوطنية، وبين غمضة عين وانتباهتها ارتفعت شعبية البشير لعنان السماء، وملأت صوره المكبرة والمجسمة كل الساحات، والميادين، والمنازل، وعلقت على كثير من المركبات العامة.. وهكذا قدم أوكامبو للبشير هدية لا تقدر قيمتها بمئات المليارات، وأراد أوكامبو أن (يتفولح جاب ضقلها يتلولح)، وأصبح مثل هبنقة في الحماقة.. والخواجة الأحمق أوكامبو هو النجم الساطع الداعم لحملة البشير الانتخابية!!.