بدأ الأستاذ ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية (لتحرير السودان) حياته السياسية باكراً منذ أن كان عضواً بالجبهة الديمقراطية وهي إحدى واجهات الحزب الشيوعي السوداني، ثم انتقل بعد ذلك بكل مكونه الفكري إلى الرفيق العقيد جون قرنق في الحركة الشعبية، وكان من المقربين له، وأصبح الأستاذ عرمان في وقت لاحق لانضمامه للحركة ناطقاً رسمياً لها في الفضائيات وأجهزة الإعلام العربية، مع وجود ناطق رسمي لها. سنوات عرمان الطويلة في الغابات والأحراش والفنادق والمنافي الاختيارية لم تُضِف لخبراته السياسية الكثير رغم قدراته الكبيرة التي كانت تُبشِّر بمولد قائد حزبي أو محلي يمكن أن ينمو في حال اكتساب مهارات وخبرات وقدرات سياسية إضافية. والذي يؤكد ما ذهبنا إليه في أن خبرة الأستاذ عرمان السياسية لم تتطور قط، أي أنها خبرة عامه الأول المتكررة على مدى ربع قرن أو يزيد، هو ما قال به «عرمان» في مؤتمر صحفي عقده بمقر الحركة بالخرطوم عندما وصف الرئيس البشير بأنه رئيس لمثلث حمدي، وأضاف إلى ذلك أن الرئيس البشير مرفوض من قبل الهامش الذي حدده بالجنوب والنيل الأزرق وجبال النوبة، وهاجم المشروع الحضاري للمؤتمر الوطني والذي يقوم على تطبيق الشريعة الإسلامية . ولاك «لُبانة» التزوير الرائجة في أفواه الذين انسحبوا من الانتخابات والذين خسروها. الآن انكشف للعامة أن الأستاذ عرمان فقد بوصلة التوجّه السياسي العام والتوجّه داخل حزبه حتى، عندما قال: (الآن اتضح أن هناك صفعة وليس صفقة لمن أراد أن يرى الأشياء على حقيقتها). حقيقة أود الإشارة إلى أنني أول من أطلق كلمة صفقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية (لتحرير السودان) عندما تمّ سحب ترشيح الأستاذ عرمان من الانتخابات دون رضاه، وذكرت ذلك في كلمة (آخر لحظة) الرسمية التي جاءت تحت عنوان (من آخر لحظة - فلتكن هناك صفقة.. ولكن من أجل الوطن) واستدللنا على ذلك بالرؤية المنطقية والعملية والسياسية لقيادة الحركة الشعبية التي لم تُرِد أن تقدّم منافساً في الرئاسة للمُشير البشير الضامن ومن خلفه حزبه لتنفيذ اتّفاقية السلام الشامل. قصور الفكرة وضمور الرؤية السياسية لدى الأستاذ عرمان جعلته يلتقط القفاز ويقول بأن الأمر صفعة لا صفقة، وجعلته (يصدق) أنه شخصياً كان منافساً للرئيس البشير الذي علّقت وسائل الإعلام الغربية على فوزه بأنه جاء نتيجة الحِنكة والخبرة وتحقيق آمال البسطاء وأحلامهم، ونسي الأستاذ عرمان أو تناسى أن الاقتراع في الجنوب جاء تحت تهديد السلاح وإلا فما معنى ما نشرته الصحف - وبالصور - من أنباء عن إرغام الناخبين على التصويت، وما معنى فوز مرشحي الحركة الشعبية (لتحرير السودان) لمناصب الولاة في ولايات مثل شمال بحر الغزال والوحدة..!؟..