لم يكن ثابتاً في تاريخ السودان الحديث خلال العشرين عاماً المنصرمة سوي التحول من وضع لاًخر، إذ لا يختلف إثنان أن ما حدث كان مقداراً هائلاً من التحول السياسي الذي فيما يبدو أنه قد حط رحاله بمشروعيةٍ جديدة لحزب المؤتمر الوطني تُمكنه من حكم السودان وفقاً لإرادة شعبه وقناعة ناخبيه. فالإنقاذ التي بدأت حكماً عسكرياصارماً علي خلفية الفوضي التي أحاطت بالسودان من كل جنباته حينها مالبست تتطور دستورياً بأقرارها لحقبة جديدة سمتها الشرعية الدستورية أوالإنتقالية(المجلس الوطني الإنتقالي) ثم العديد من الإتفاقيات والتفاهمات الهادفة لتحقيق السلام عبر عدد من المحاولات وأخيراً هذه المرحلة التي أتفق الموضوعون علي أن شيمتها المميزة هي التحول السلمى والإنتقالي الهادئ نحو الديمقراطية التي باتت الأن حكماً مؤكداً وواقعاً معاشاً. فالإنتخابات السودانية لعام 2010م والتي جاءت بعد أنقطاع لنحو أكثر من عشرين عاماً جعلت من السودان محطاً لأنظار مئات القنوات الإعلامية مثلما حظيت بمراقبة مئات البعثات الرقابية من شتي أنحاء العالم وهي بالطبع لم تكن مثالية وهذا لايقدح في مصداقيتها ونزاهتها كونها لم تماثل المعايير الدولية المختلف عليها غير أنها كانت موضوعيةً وأكثر مقبولية فالمراقبون في غالبهم أتفقوا علي أن ماحدث لايرقي لحاله كونه تزويراً منظماً لمصلحة حزب بينما هو بعض من الإشكلات اللوجستية والإدارية. وحتي الأحزاب السودانية التي قدمت خطاباً سياسياً مضطرباًومهزوزاً أشبه بالإستهبال السياسي حتي هذه الأحزاب تعي جيداً في قناعاتها الداخلية أنه ليس بمقدورها هزيمة المؤتمر الوطني والبشير الذي تحول من رئيس لزعيم تتصاعد نجوميته يوماً بعد أخر في أجهزة الإعلام الدولية حتي نافس نجوم السينما في هوليود، فالتاريخ السوداني لم يشهد ألتفافاً وتفويضاً كالذي حدث تجاهه. إذاً فالمؤتمر الوطني الأن يستند علي توحُد في الإرادة و تفويض شعبي هائل ومشروعية انتخابية متفق عليها محلياً وعالمياً وهذا يمكنه من مواجهة أي تحديات خارجية محتملة مضافاً لكل ذلك تاريخه الطويل في مواجهة العثرات وخبرته التي عتقتها مجابهات الداخل والخارج. بين يدي كل هذا فالمؤتمر الوطني مواجه بمطلوبات للمرحلة القادمة علي المستوي الخاص به كحزب وعلي صعيد الدولة , فالوحدة الوطنية بين الشمال والجنوب والتي جعلت أتفاقيات السلام الشامل أستفتاء الجنوبيين حولها أمراً أساسياً في تحقُقِها وهي بالتالي أكبر تحدي يواجه الإرادة الوطنية مجتمعة أكثر من أنه تحدي خاص بالمؤتمر الوطني والحركة الشعبية. هذه الأمال والأماني هي بالطبع تحتاج لنقاشات جديدة بين الشريكين (اللذين أثبتا قدرة علي تجاوز العقبات ) لأحداث تقارب أوتسوية سياسية في هذه القضية حتي وإن دعا الامر للوصول لصيغة أقرب للكونفدرالية التي تحتفظ للسودان بعلم واحد وجيش واحد وسلك دبلوماسي موحد أيضاً . علي مستوي الحزب فالمؤتمر الوطني مطالب بإستثمار هذه الروح الجديدة التي تميز كل مستوياته الأن وهي روح الثقة بالنفس والأحساس بالنصر الذي يجب أن لايفسده الغرور, مطالب بجملة نقاط أهمها هو زيادة الفاعلية في الأجهزة الحزبية والحيوية في الخطاب السياسي وإعطاء الشعب السوداني معناً للتغير وتطوير الحياه سياسياً وأقتصادياً بمعني الإنتظام في برنامج عمل محدد بخمسة أعوام وفي نفس الوقت يجب أن يكون أثره أكثروضوحاً علي حياة الناس في (المعاش والرفاة والأمن والتكنولوجيا وبناء الدولة الحديثة ) من العشرين عاماً الماضية وللوصول لهذا فالإتجاه العام يستدعي تجديد دولاب العمل في الدولة والحزب بضخ الدماء الشابة لمزيد من الحيوية في مفاصل العمل التنفيذي والحزبي . فالحزب يمتلك رصيداً وافراً من القيادات الشبابية التي توافرت لها تجربة ليست قليلة وخاضت تحديات جسيمة وصعبة خرجت منها أكثر صلابة وقدرة علي مواجهة كل الظروف لهذا فالمؤتمر الوطني في حاجة لعملية منظمة لإستيلاء القيادات الجديدة التي من المرجح أنها في الغالب ستحدث نقلة في إحساس المواطن بوجود الحكومة في حياته إيجاباً، كما أن العديد من المؤسسات التي تكلست وذبلت وقل أثرها وتأثيرها في المجتمع يمكن أن تعود لها الحيوية، وماورد هنا يُعبِّر بالضرورةعن بعض المؤسسات الحزبية التي تحتاج مزيداً من التطوير أو تلك التي أنشئت في ظل ظروف إنتفت فإنتهت أسبابها ؛عليه فأن المؤتمر الوطني بحاجة إلي لمسات فنية أشبه بالثورة في هذا الإتجاه . وسياسياً يجب الأحتفاظ بقدر من المشاركة السياسية لباقي الأحزاب وإن إتخذ المؤتمر الوطني قراراً بعدم إشراك المقاطعين للإنتخابات فلا ضير من إشراك أكبر عدد من الأفراد الذين يمكن أن يكون وجودهم ذِا دلاله , وهنا نأمل أن يعاد النظر في إعادة بعض الأحزاب الصغيرة التي ستكون عبئاً علي المؤتمر الوطني في هذه المرحلة أكثر من أن تفيده ويكفيها ما قدمته في حكومة الوحدة الوطنية المنصرمة , فوجودها في البرلمان أفضل لها وللمؤتمر الوطني من وجودها بجهاز الدولة التنفيذي. ü مهندس