حتى العاشرة والنّصف من صباح أمس الأحد كنتُ موقناً من أنّ بداية البث الإذاعي في السودان كانت في الخامس عشر من إبريل عام 1940م، ولا أحسب أنني كنتُ الوحيد الذي أعتقد بذلك، حتى منّ الله علينا بمن صحح تلك المعلومة وعلى الهواء مباشرة من خلال احتفالات الإذاعة السودانية بعيدها السبعين يوم أمس، وذلك عندما اعتلى البروفيسور علي شمو المنصة وأشار إلى ذلك الخطأ المتداول الذي أوشك أن يصبح حقيقة يُسلّم بها الجميع. قال أستاذ الأجيال البروفيسور شمو إن بداية البث الإذاعي كانت في يوم الخميس الموافق للثاني من شهر مايو عام 1940م، وأضاف أنه تحقق من الأمر ورجع إلى الوثائق والمستندات التي أكّدت ذلك. الآن عرفتُ لماذا تحتفل (هنا أم درمان) بعيدها السبعين اعتباراً من يوم أمس، وقد جاءت بداية الاحتفال بسيطة في مظهرها عميقة في جوهرها شارك فيها كل أبناء الإذاعة وكل الوطن من خلال البث المباشر من داخل أستديو السلام داخل الإذاعة السودانية، وجمع الاستديو رموزاً حيّة من أهل السياسة والإعلام والموسيقى والدراما وأهل الفكر والتراث وعلوم الدين العديدة المتعدّدة. كان لوجود المُشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب دلالات عظيمة وبليغة وهو الآن رئيس للهيئة القومية للوحدة، كما كان لوجود آخرين ذات الدلالات والمعاني ومنهم الأساتذة الأجلاء الزهاوي إبراهيم مالك والدكتور كمال عبيد، ومحمد سليمان ومحمد حاتم سليمان، ومولانا محمد أحمد سالم، ومحمد شريف علي وبخيت عيساوي وسوسن دفع الله ومحمد عبدالمنعم خفاجة وإنعام عبد الله والبروفيسور الحبر يوسف نور الدائم ومصطفى عوض الله بشارة ومحمد طاهر وغيرهم وغيرهم.. أما أصحاب الاحتفاء والاحتفال، وأعني الأستاذين معتصم فضل عبد القادر مدير الإذاعة وعبد العظيم عوض رئيس الشبكة القومية فقد تجلى اهتمامهما بعظمة هذا اليوم الإذاعي الكبير بافتتاح إذاعة ذاكرة الأمّة التي أوكل أمر إدارتها للإذاعي والصحفي الفنان الأستاذ عوض أحمدان يعاونه شباب من الجنسين يسعى لتحقيق الذات أولاً ثم النجاح ثانياً.. والمحافظة عليه ثالثاً. الإذاعة السودانية التي وحّدت وجدان الأمة ألقيت على عاقتها اليوم مسؤولية أن تكون وحدة السودان هي الهدف الأسمى لها وأصبح من أوجب واجباتها أن تكرّس رسالتها لتحقيق هذا الهدف النبيل.. وما قول الدكتور كمال عبيد بأن السيد نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه قد ألقى على كتفيه مسؤولية تحقيق هذا الهدف إلا دليل على اهتمام الدولة في أعلى مستوياتها بتحقيق ما يصبو إليه كل وطني أصيل، وقد ألقى الدكتور عبيد بهذا الحمل وتلك المسؤولية على أكتاف القائمين بأمر العمل الإذاعي من الكبار والمخضرمين والشباب.. وأحسب أنّهم على قدر تلك المسؤولية.. وأكثر.