قضية (سوق المواسير) في الفاشر فجّرتها (آخر لحظة) قبل فترة وتابعتها بعد ذلك وبقية الصحف المحلية، ونحسب أنها ستكون مادة خصبة حتى للصحافة العالمية والفضائيات خلال الأيام القادمة للتداعيات المحزنة والمؤسفة التي تساوقت وراءها متتابعة حتى أفضت إلى مواجهات بين السلطات في ولاية شمال دارفور وبين المتضررين من ضحايا ما أصبح يُعرف باسم قضية (سوق المواسير). الآن يواجه الأستاذ عثمان محمد يوسف كِبر والي ولاية شمال دارفور امتحاناً عسيراً في أول عهده الجديد بعد انتخابه والياً للولاية بأصوات الناخبين، وحل الامتحان العسير يتطلب قراءة متأنية ودقيقة لورقة الأسئلة الصعبة بحيث تكون هناك إجابة أكثر دقة عن أول من ابتدع أسلوب التعامل في ذلك السوق، والقائم على قاعدة (الكسر) المعروفة في الأسواق وهي أن يشتري أحدهم السلعة بأعلى من سعرها الحقيقي على نظام الدفع الآجل (الشيكات) وأن يقوم ببيعها فوراً ونقداً (كاش) بأقل من ذلك السعر بحيث يصبح الفرق بين السعرين ( وهماً) كبيراً لا يُمكن الإمساك به للبائع والمشتري على السواء ولابد من البحث عن إجابات دقيقة حول الضحايا، ثم سؤال آخر أكثر أهمية هو: ( أين ذهبت أموال الضحايا؟) ودراسة أخرى عن إمكانية استرداد تلك الأموال - دون أرباح- قياماً على قاعدة (المال تلتو ولا كتلتو).. وغير ذلك من أسئلة تتطلب الإجابة عليها، ما قام به الأستاذ عبد الباسط سبدرات وزير العدل من تكوين لجنة للتحقيق تضم عدداً من المستشارين والمختصين في الجوانب العدلية والأمنية المختلفة ، إذ إننا نرى أن حجم الكارثة أصبح أكبر من قدرات وإمكانيات الولاية التي يتركز بصر وسمع القائمين بالأمر فيها على الأوضاع الأمنية الدقيقة المرتبطة بوجود مسلحين وحركات متمرّدة ربما تحاول استغلال كل الأوضاع لخدمة أغراضها. قضية سوق المواسير، أصبحت الآن أمام محكمة الرأي العام السوداني الذي يقرأ الوقائع والأحداث من الصحف ويُقيم موقف الدولة والولاية من كل ذلك وسعيها لبسط أسس العدل الذي يعيد الحقوق لأهلها ويوقع أقصى عقوبة ممكنة بالمتسببين في هذه الأضرار التي سالت دماء عزيزة لنفر كريم من المتضررين الذين تبخّرت أحلامهم وثرواتهم مثل قطرة ماء على سطح صخرة جامدة في صيف الصحراء. ما حدث هو احتيال مُشين وسيئ ومسيئ إذ إن النصب والاحتيال ليسا أكثر من أن يربح الذي ينفذهما في مقابل أن يخسر الآخرون.