ما جلب (سوق المواسير) إلى عناوين الأنباء العالمية، لم تكن العمليّات التجاريّة المشبوهة التي شهدها السوق منذ تأسيسه العام الماضي وباتت حديث الجميع خلال الأيام الأخيرة، بل كانت سقوط بعض القتلى أمس الأول، من بين أولئك الذين فقدوا أموالهم في ذلك السوق الذي بعث آمال الثراء السريع في نفوس كثير من سكان مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، وآخرين من خارجها، جذبتهم فرصة بيع ممتلكاتهم، أو إقراض أموالهم، مقابل أرباح مُضاعفة بعد فترة من الوقت. العيون الخارجية التي رصدت سقوط قتلى في الاحتجاجات التي شهدتها شوارع الفاشر قبل يومين، وجدت نفسها تستدعي خلفية السوق وطبيعة المعاملات التي جرت فيه، ورغم اختلاف أرقام الضحايا بين هذه الجهة وتلك، إلاّ أنّ مختلف الوسائل الإعلامية الأجنبية، ك «رويترز» وصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، أجمعت على توصيف ما جرى في السوق بأنه (عملية احتيال) كبيرة راح ضحيتها عدد كبير من سكان المدينة! مصادر المعلومات حول (سوق المواسير) تبدو مرتجلة نوعاً ما، فبينما نقل البعض أخبارهم عن شهود عيان أو مواطنين في المدينة.. أبرزت وسائط أخرى تصريحات منسوبة للمدير التنفيذي لرابطة ضَحَايا المتضررين من (سوق المواسير)، فيما استعان البعض الآخر بمسؤول في بعثة الأممالمتحدة في الإقليم لاستقاء معلومات عن السوق، كما تفاوتت التقديرات حول حجم الخسائر المالية في السوق، ففيما نقلت بعض الوسائط أنها تبلغ حوالي (350) مليون جنيه سوداني، أوردت أخرى أنها تبلغ حوالي (840) مليون جنيه. أخبار الأزمات المالية وانهيار أسواق الرهن والبيع الآجل - التي يمثل (سوق المواسير) نسخة سودانية منقحة منها - طفت إلى السطح إبان الأزمة المالية العالمية التي ضربت العالم اخيراً، مصحوبة بانهيار أسواق الرهن العقاري في الولاياتالمتحدة، ما تَسَبّب في إفلاس العديد من المصارف والشركات الدولية العملاقة في أكثر من مكان، ويبدو أن أزمة (سوق المواسير)، أصبحت بدورها نموذجاً سودانياً لانهيار الأسواق، والعمليات المالية والتجارية المشبوهة التي تقوم على مضاعفة أسعار الممتلكات بصورة غير واقعية. رد الفعل الأولي أتى من بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة في دارفور، إذ قال كمال سايكي المسؤول الإعلامي في البعثة إنَّهم طلبوا أمس الأول من موظفيهم البقاء في مكان عملهم والحد من تنقلاتهم.