صادف يوم أمس (3/5) اليوم العالمي لحرية الصحافة وبالطبع نحن في السودان لسنا بعيدين عن هذا الاحتفال فمثلما مرت الصحافة في العالم ومنذ بدايتها بمراحل كثير بدأت بالحرية المطلقة والتي تأذى منها العالم حتى يلجأ للتقييد المطلق الذي كمم الافواه وكسر الأقلام ولم يجد غير الحرية المسؤولة وحتى كتابة هذه السطور لا أظن أن هناك أفضل من الحرية المسؤولة بدليل أن العالم الأول الذي يرهن العالم الثالث كل سلوكه به خاصة فيها يخص الحريات وحقوق الإنسان.. بالمناسبة ما كتبته انفاً ليس من بنات أفكاري بل من ما درسناها في الجامعات حول حرية الصحافة وتاريخها ونظريتها.. ورغم أن أمر حرية الصحافة في العالم الأول محسومة وتجربته مثبته ومتزنة لكن أهل العالم الثالث والدول النامية يريدون أن يخوضوا تجربتهم بأنفسهم دون أن يتعظوا أو يأخذوا بتجارب الأخرين ولا أظن أن في ذلك فائدة يمكن أن يجنيها أهل العالم الثالث فالصحافة حرية والحرية لابد أن تكون مسؤولة ولابد لمن يطالب بها أن يحافظ عليها ففي كل الدول النامية ظلت الصحافة تتارجح بين الحرية تارة والكبت بسبب سوء استخدام بعض الصحافيين للحرية أوبسبب الحكومات وسياساتها أو بسبب الرقابة عليها أو بسبب الحروب.. قطعاً الأسباب كثيرة لكننا تقول إن الحرية هي الأولى بالثبات وأن المحافظة عليها شأن يخص الصحافيين ويرجع لهم في غالب الأحيان.. أما إذا أردنا أن نناقش حال حرية الصحافة في السودان نحن أن حالنا لا يختلف كثير عن حال الدول النامية وتارجح حاله الحرية فيها رغم أن الصحافيين وفي أحيان كثيرة يستطيعون تثبيت حالة الحرية المسؤولة والتغلب على حالات الرقابة التي تغشاها بين الحين والآخر وسرعان ما يذوبون الثلج بينهم وبين السلطات بتعاهدهم على ميثاق شرف يحفظ لهذه المهنة حريتها التي بفقدها نفقد هيبتها وبوصلتها.. ورغم ذلك نحن نستطيع وحسب التقارير والمتابعة أن السودان أو الصحافة السودانية تستمتع بقدر جيد من الحريات وأن كل القوانين على رأسها الدستور كفلت للصحافي الحرية الكافية التي تمكنه من ممارسة مهنته رغم أن الصحافيين لا يستفيدون من القوانين التي تحميهم وتمكنهم من الحصول على المعلومة رغم أن هناك مواد في القانون تمنح الصحافي حق تقديم شكوى ضد الجهات التي تمنعه من الحصول على المعلومة.. بالمناسبة دار نقاش بيني وبين بعض القراء عن عدم تناول الصحافة لقضايا الفساد أو الجرائم الكبرى أو كما أرادوا أن يطلقوا عليها المواضيع الحساسة فقلت لهم إن الحرية متاحة لتناول مثل هذه القضايا لكن بصراحة أصحاب المعلومة ولايعطونها ولا يمكنون الصحافي من الحصول على المعلومات والمستندات الكافية التي تحمي الصحافي ومؤسسته من العواقب التي يتضرر منها الصحافي أولاً ثم مؤسسته ثانياً.. فالنشر غير المسؤول لايمكن أن نعتبره حرية فلا يجوز اتهام الناس بالباطل أو بالظن أو بدون أدله.. فهذه المهنة مهنة مقدسة ولها مهامها الجسام ولا يمكن أن تكون غير مسؤولة.. وأخيراً وليس أخراً التهنئة موصولة لكل الصحافيين في العالم ولصحافيي بلادي.. وكل عام والحرية بخير.