بحسب مخرجات وتوصيات مؤتمر « السيسا » فإن بسط المزيد من الحريات العامة وحرية التعبير والصحافة علي وجه الخصوص هو المخرج الوحيد امام النظم الافريقية غير الديمقراطية والتي تنتظر دورها في التهاوي والسقوط بعد سقوط النظام التونسي والمصري وتهاوي نظام القذافي وحكم الرئيس صالح في اليمن ، وبحسب توصيات المجلس الدولي لحقوق الانسان في جلسته الاخيرة فإن الحكومة السودانية ينتظرها المزيد من ابداء الدعم لحرية الصحافة واصلاح القوانين المقيدة لحرية التعبير بمافي ذلك قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية الحالي ولوائحه ، لقد اكتشفنا منذ فترة ان ما يمنحه القانون من مزايا في ظاهرها الدعم لحرية الصحافة تقوم اللوائح المصاحبة بسلب هذه المزايا لتظل معاني حرية التعبير مقيدة ومكبلة وتتأخر بذلك العملية الصحفية في السودان ثم يتوافد علي البلاد المقررون الخاصون لحقوق الانسان واخرهم الخبير المستقل محمد عثمان شاندي الذي سجل مؤخراً زيارة الي المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية للوقوف علي حيثيات ايقاف الصحف عبر سلطات المجلس الادارية وما اذا كانت هذه السلطات تشكل انتهاكاً لحرية النشر والتعبير التي ينظمها المجلس. ان مجتمع الصحافيين يعلم تماماً كافة اشكال العراقيل التي يصنعها القانون والجهات الرسمية للحد من اندياح الحريات الصحافية وبالتالي فإن قواعد زملاء المهنة يستطيعون فرض التغيير اللازم علي مجمل العملية الصحافية في السودان ان هم ارادوا وعزموا علي ذلك ..ليس بترك الامر لاتحاد الصحافيين او المجلس الوطني او اي جهة ما تنبري للحديث باسم الصحافيين ، ان مجتمع الصحافيين هو الذي يكتوي بنيران المهنة والمصاعب والمتاعب المفتعلة للحد من فاعلية هذه المهنة وبالتالي يقع عليهم وحدهم عبء التغيير بالدعوة الي مؤتمر جامع لمناقشة قضايا الصحافة بعيداً عن تأثيرات الجهات الرسمية وشبه الرسمية ، نعم ان الصحافة والحرية الدافقة يمكن ان تكون مدخلاً لتغيير انظمة الحكم وهذا بالضبط ما ناقشه المؤتمرون تحت مظلة « السيسا » وحينما تكون حرية النشر متوفرة فإن السلطة نفسها تستفيد بحيث تتم محاربة الفساد في الهواء الطلق دون الحاجة الي صناعة لجان حكومية « ترعي بقيدها » ولا تستطيع الانطلاق ، ومن الواضح ان بعضهم ادرك منذ زمن بعيد خطر الصحافة ولذلك عمد الي عرقلة مسيرة تطورها في السودان لتظل مكبلة الارجل ومكممة الافواه وتتعرض باستمرار للترغيب والترهيب فيما يتعرض العديد من الصحافيين للاعتقال والحبس علي اساس الرأي . وحتي لا يفتري علينا احد بالتفسير الخاطئ للدعوة نحن نري ان الحرية المنشودة ليست مطلقة ولكن دعونا نحلم بقدر من الحرية تمكن الصحافيين من الحصول علي المعلومات بنص قانوني صريح لا يخضع للخيار والفقوس وبحيث تسن عقوبة واضحة ورادعة لاي مسؤول يخفي المعلومات عن الصحافيين وبحيث لا تتكرر مهزلة قيام مسؤول بمقام وزير المالية الاتحادي باستخدام حرسه الخاص لاعتقال وتوقيف الصحافيين او تعريضهم لضغوط للكشف عن مصادر معلوماتهم ...ان فضيحة « المالية - السوداني » لو حدثت في أية دولة اوربية او أية دولة محترمة لما انتظر المسؤول الاول المعني في الدولة ساعة لاجراء مشاورات حول اقالة الوزير ولكن للاسف الشديد هذا لن يحدث في السودان لفترة قد تطول لاننا للاسف الشديد ما نزال نعيش في الظلام . نتمني ان تجتمع كلمة اهل السلطة الرابعة علي رأي واحد للعمل سويا لإلغاء قانون الصحافة والمطبوعات الحالي وصياغة قانون جديد يلبي طموحات واشواق الصحافيين ، دعونا نحلم بحرية نشر وتعبير تمكن كافة الصحافيين من تجربة اصدار الصحف دون مواجهة عراقيل وقيود اللوائح الغبية التي يصنعها البعض بما يضر بسمعة البلاد في مجال الحريات ، ان العالم يطبق انموذجاً ساميا في تقدير حرية الصحافة بحيث تصدر الصحف في اوراق صقيلة بلا رسوم او قيود وتتنافس في الاسواق بحسب التجويد والجودة والمصداقية وتكسب الاعلان بالتوزيع وليس بالتحزب ولا تقف امام سلطة من السلطات الا القضاء النزيه العادل .