في ذاك الصباح الوسيم احتشدت عناقيد النور في قاعة الاتحاد العام للصحفيين السودانيين للاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1996م، وحددت أن يكون يوم 3 مايو من كل عام يوماً عالمياً لحرية الصحافة.. ومنذ ذاك التاريخ يحتفل العالم بحرية الصحافة، كما يحتفل بالذكرى السنوية لإعلان (ويندهوك)، وتدعو وثيقة الإعلان لوسائط إعلام مستقلة وحرة وقائمة على التعددية، في جميع جهات الدنيا الأربع، معتبرة أن الصحافة الحرة أمر لا غنى عنه لتحقيق الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وفي نفس السياق درج الاتحاد الدولي للصحفيين على دعوة الحكومات للدفاع عن مبادئ حرية التعبير للتنظيمات الصحفية. في ذاك الصباح كان لقاء السحاب الذي ضم النخب الشاهقة لقادة الرأي ونجوم الصحافة والاعلام، وذاك (الولد الشقي) المثير للجدل الذي حررت شهادة ميلاده باسم (الصحافة الالكترونية)، وكان يقود حشد العناقيد المضيئة ملك ملوك النور البروفيسور علي شمو، رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، بينما كان يقود فيالق المطر الأزرق الذي يتساقط على ورق (الجرنال) فتشهق الأبجدية بالخير والحق والجمال، وتصبح الأبجدية أحياناً حمماً، ونفطاً، ولهباً، وتارة قنابل وسنابل رائعة تشكل قسمات (السلطة الرابعة)، إنه الدكتور محي الدين تيتاوي رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين، هذا الفتى الأسمر الوشاح، القادم من سوح الشمال، ومضائق النيل، وحدائق النخيل، ولأنني ياصحابي من الشمال أعرف تماماً.. تماماً من هم رجال الشمال، و(محي الدين) رجل يحمل خصال رجال الشمال، وللذين يعتصرون بالكراهة زيت عصبه أقول لهم إن الرجل ظل وسيظل كشجرة الصندل كلما طرقتها الفؤوس تزداد عطراً. عفواً ياصحابي لهذا الاستطرا ولكن أين لي وأنا في حضرة رجلين مترفين بالصدق والوعد والجمال، أولهم ذاك الفتى السمهري الشاهق القادم من عروس الرمال علي شمو، وذاك الفتى القادم من عروس الشمال (التيتي) واسمها المقرون بالصحابة فيشار اليها ب(التيتي والصحابة).. جاء (محي الدين) من التيتي وأصبح فينا .. في الخرطوم (تيتاوي).أعود الى ذاك الصباح الوسيم والى قاعة اتحاد عام الصحفيين السودانيين، وقد حضرت مع الحضور الكريم احتفال الاتحاد باليوم العالمي لحرية الصحافة.. المنصة الرئيسية يتوسطها نجم قانوني يشع ألقاً أنه ابن النيل وصاحب الاكليل، الاستاذ ادوارد رياض، الذي ترأس الجلسة وازادنت المنصة بكل من الأستاذ الفاتح السيد الأمين العام للاتحاد العام الصحفيين السودانيين هذا الفتى الفخم الضخم ليس جسداً، وإنما صحافة، وثقافة، وعلماً، ووقاراً، وأدباً.. على الطرف الآخر جلس الأستاذ أحمد الطاهر النور القاضي السابق والمحامي اللاحق. بدأ الاحتفال بكلمة سامقة قدمها الأستاذ الدكتور محي الدين تيتاوي تناول فيها قضايا الساعة التي تهم الصحافة والصحفيين، وتطرق الى حرية الصحافة.. مشيراً الى ارتفاع سقفها في السودان، بعد أن أصدر السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير قراره التاريخي بأنهاء لا تعدل القوانين إلا لتكون أكثر تعزيزاً لكرامة الإنسان، وأكثر عدلاً بين الناس، وتطوير القوانين لتصير أكثر عدلاً هو السبيل الأوحد لمنع الحرب وصيانة السلام رقابة جهاز الأمن القبلية على الصحف، وعدد المكاسب التي حققها الاتحاد، وفي مقدمة ذلك ميثاق الشرف الصحفي الذي وقع عليه رؤساء تحرير الصحف في مقر الاتحاد، في اجتماع ترأسه البروفيسور علي شمو رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، وضم الدكتور محي الدين تيتاوي رئيس الاتحاد والعميد محمد أحمد ابراهيم دنقل، ممثل جهاز الأمن، كما استعرض الجهود المضنية التي استصحبت الإعداد لقانون الصحافة، التي بذلها الاتحاد الى أن تمت اجازة القانون في البرلمان في عام 2009م، وبعد ذلك قدم رئيس الجلسة ادوارد رياض البروفيسور علي شمو بقوله: من لا يعرف نهر النيل لا يعرف علي شمو، وقدم البروف ورقته بعنوان (اخلاقيات المهنة) تناول فيها القياس المعياري للصحافة الأخلاقية عبر أطروحات الاتحاد الدولي للصحفيين.. مشيراً الى أن المؤتمر العام للاتحاد، الذي انعقد عام 1954م وتم تجديد اعلان المبادئ في مؤتمر الاتحاد عام 1986م والذي أعلن فيه الاتحاد تبني اعلان المبادئ، باعتباره مقياساً للممارسة المهنية للصحفيين المشتغلين بجمع الأخبار والمعلومات، التي جاء في أهم بنودها أن يحافظ الصحفي على النزاهة في جمع الأخبار ونشرها، وأن يبذل الصحفي أقصى جهده لتعديل وتصويب اية معلومات تم نشرها، وأن يتمسك الصحفي بالسرية المهنية لكل ما يتعلق بمصادر المعلومات، التي يحصل عليها من ضمن شروط عدم الكشف عن المصدر، وعقبت الأستاذة رحاب المبارك المستشارة القانونية لمجلس الصحافة، حيث إنها أمنت على كل ماجاء في ورقة البروف، وتطرقت الى الجوانب القانونية والتشريعية التي تؤطر اخلاقيات المهنة، بعد ذلك قدم الأستاذ الفاتح السيد- الأمين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين ورقة بعنوان (ميثاق الشرف ومبادرة الصحافة الأخلاقية) وذكر الأستاذ الفاتح أن مواثيق الشرف الصحفي تعتبر بمثابة التزام أخلاقي من مجتمع الصحفيين بالانحياز الى قيم المهنة والمحافظة على موروثاتها الأخلاقية وذكر إن هذه المواثيق المهنية عرفتها الصحافة منذ فجر نشوئها وقال: إن القوانين المتعلقة بالصحافة في السودان اهتمت بموضوع الالتزام الأخلاقي للممارسين لمهنة الصحافة، بالالتزام بالصدقية والنزاهة، وعدم نشر المعلومات المتعلقة بامن الوطن، وتحرك القوات المسلحة إلا من المصادر المخولة لها، وكذلك الالتزام بعدم الإثارة أو المبالغة في عرض أخبار الجريمة والالتزام بعدم نشر كل مايتعارض مع الأديان وكريم المعتقدات، وعدم إثارة الفتنة الدينية وعدم تلقي أموال من جهات أجنبية.. وأشار الأستاذ الفاتح السيد الى ميثاق الشرف الصحفي باعتباره الوثيقة التي تراضى عليها رؤساء تحرير الصحف السودانية، وعقب على هذه الورقة الأستاذ أحمد الطاهر النور، القاضي السابق والمحامي اللاحق وقد أثار اشكالية قانونية، يمكن أن تؤثر على ميثاق الشرف الصحفي، باعتبار أنه غير مضمن في صلب القوانيين التي يعمل بها في الجهات العدلية، كما أشار الأستاذ أحمد الطاهر الى الجدل الذي أثير حول ترقيم بنود ميثاق الشرف الصحفي أو عدمه، وكان الأستاذ ابوبكر وزيري العضو المستدام بلجان المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية لعشر سنوات خلت، قد انبرى للدفاع عن الخط الذي تبناه مسبقاً بعدم ترقيم بنود ميثاق الشرف الصحفي.كان ضمن فعاليات احتفالية الاتحاد باليوم العالمي لحرية الصحافة معرض للصور الصحفية، شارك فيه المصور الفنان الذائع الصيت محلياً وعالمياً حق الله الشيخ وعصام عبدالحفيظ ومبارك حتة، والفنان المتعدد المواهب جاهوري، وهذا المعرض يؤكد المقولة الشهيرة المتداوله عالمياً في الأوساط الصحفية التي تقول أن متلقي الصحافة اليوم (أصبح يقرأ الصورة ويتفرج على الخبر) قبل أن أختم الحديث عن احتفالية اتحاد الصحفيين باليوم العالمي لحرية الصحافة، كان لابد لي من ذكر بعض أسماء الحضور الذين شاركوا في الاحتفالية، وفي مقدمتهم الصديق العزيز الأستاذ محمد علي غريب المستشار الاعلامي لسفارة جمهورية مصر العربية الشقيقية بالخرطوم، والصديق العزيز أحمد الشريف ريحانة الصحافة السودانية ونجم صحيفة الوطن.. التحية لاتحادنا الشاهق ورئيسه السامق.