تمثل ندرة المياه أكبر مشكلة قد تواجه العالم في الفترة القادمة، هذا ما قرره أكثر من خمسين عالمًا في تقريرهم للأمم المتحدة، حيث اعتبروا تلك المشكلة هي الخطر المحدق بالبشرية مع مطلع القرن الجديد. وتبرز مشكلة المياه بشكل قوي مع زيادة عدد السكان، إضافة إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض في السنوات القليلة الماضية مما جعل كثيرًا من الخبراء يتوقعون أن تكون حروب المياه، هي حروب القرن القادم. إذا كان الصراع على البترول شكل مساحة كبيرة من معادلات وأحداث المنطقة منذ عقود كثيرة وحتى الآن، فإن الصراع على المياه يمكن أن يكون أشد حدة، ذلك أن المياه في التحليل النهائي أهم من البترول وأغلى، فهي سر الحياة (وَجَعَلْنَا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ). ولا شك أن الإدراك المبكر لأهمية المياه ومعرفة طبيعة الصراع القادم حولها، سيؤثر على أمتنا العربية إيجاباً إذا أحسنت الاستعداد بكثير من الجهد والتضحيات، ويؤمن لها مستقبلاً معقولاً، أما إذا ظل العرب في حالة غفلة عن هذه التقنية الخطيرة، فإن مجرد وجودهم على سطح الأرض سيصبح أمراً صعباً! نرى ما يجري في دول حوض النيل بالنسبة لتقسيم حصة المياه والصراع القائم وما حدث في الاجتماع الأخير في مدينة (عنتبي) اليوغندية، والذي لم تلتزم به كل من السودان ومصر وطالبت أغلبية دول الحوض بالتعامل مع مياه النيل كما تتعامل الدول مع البترول الذى يتم استخراجه من أراضيها، وبالتالى يجب أن تشتري مصر ما تحتاج إليه من المياه من دول المنابع، على اعتبار أن كلاً من البترول والمياه مصادر طبيعية للدول. أكدت مصادر سيادية أن إسرائيل تدير فعلياً معركة مع مصر فى منطقة حوض النيل تستهدف في المقام الأول إضعاف مصر، وتضييق الخناق عليها. إضافة إلى استهداف العمل على تقسيم السودان وتغذية مطالب الانفصال لدى عدد من أقاليمه. إن الكيان الصهيوني كان ولا يزال يطمع في مياه النيل، ولم يخفِ هذه الأطماع في يوم من الأيام، فعلى دول حوض النيل أن تدرك الخطر الذي تقوم به إسرائيل.