هل تراجع والي الخرطوم عن قراره بإيقاف الحملات أو ما يعرف (بالكشات) ضد الباعة الجائلين وبائعات الشاي أم أنها كانت مجرد دعاية انتخابية كما ردد البعض آنذاك.. على كل فإن هؤلاء الباحثين عن لقمة العيش مازال شبح (الكشات) يطاردهم في كل مكان يتخذونه فقط من أجل الكسب الحلال.. وآخر تلك (الكشات) كانت قد نُفّذت قبل ثلاثة أيام وشملت بائعات الشاي والباعة الجائلين الموجودين على امتداد شارع النيل وحدائق السلام.. وعلى الرغم من أن هؤلاء الباعة هم صغار في السن وصغار فيما يحملونه من احتياجات (بضاعة) يقوم بعض المتنزهين في هذا الشارع بالشراء منهم مثل (المناديل - المياه المعدنية - المياه الغازية - الحلوى واللبان)، إلا أن (الكشة) حظرت نشاطهم هناك.. بجانب الباعة فإن النصيب الأكبر كان لبائعات الشاي المنتشرات على طول الشارع (آخرلحظة) استطلعت عدداً من أصحاب هذه المهن لاستنكاه المعاناة التي يعيشونها وما مدى الضرر الذي يلحق بهم جراء هذه الكشات المتواصلة فمعاً نطالع إفاداتهم:- بدءاً التقينا بإحدى بائعات الشاي حيث ذكرت قائلة: نعاني معاناةً شديدةً من الكشات خاصة وأن الأغلبية منا هن ربات بيوت ويعلن أسراً، وأضافت «أنا لدي خمسة أطفال ثلاثة منهم في المدارس، ومعروفة احتياجات المدارس حيث إن الموظفين والذين لديهم دخل ثابت ومرتب يحملون هَم المدارس في وقت مبكر، فما بالك بنا نحن الذين نكسب رزق اليوم باليوم، وأنا كنت أجلس في شارع النيل نسبة لإقبال المواطنين عليه ولكن الآن بعد (الكشة) لا أعرف إلى أين أذهب وأناشد والي الخرطوم أن يتركنا في الشارع خاصةً ونحن نعول أسراً». و ذكرت «ع .ف» والتي تعمل أيضاً بائعة للشاي، قائلة على الرغم من صعوبة هذه المهنة وما نجده فيها ونعاني منه،(الكشات) لا ترحمنا خاصة هذه الأيام.. وأضافت نحن مستاءون جداً من الضرر الذي يلحق بنا جراء الكشات المتواصلة، و«العِدة» التي تم مصادرتها لا نقوم باسترجاعها نسبةً للغرامة التي تفرض على استرجاعها مما يدفعنا إلى شراء أواني جديدة. ومن هنا نناشد الجهات العليا بإيقاف هذه الكشات التي تطاردنا من حين إلى آخر خاصة وأن الأغلبية منا يَعُلْن أسراً، والأغلبية من النساء لديهن أبناء في المدارس وأطفال صغار. فيما ذكر أحد الباعة الجائلين قائلاً: لا نعرف إلى متى تظل هذه (الكشات) تطاردنا، خاصةً وأننا نعمل في الإجازات من أجل الحصول على المصاريف الدراسية التي تعيننا في الدراسة لنساعد أنفسنا. .. كم هي قوية وعميقة مضامين أغاني التراث السوداني، التي تمجّد الجود، والكرم، والمروءة، والفروسية.. وفي الخاطر، حينما يتغنّى الكابلي «يسلم لي خال فاطنة ليهم بلالي، البدرج العاطلة.. أب كريق في اللجج.. سدر حبس الفجج.. عشميق حبل الوجج.. أنا اخوي مقلام اللجج.. يا خريف الرتوع أب شقة قمر السبوع.. فوق بيته بسند الجوع.. ويا قشّاش الدموع.. يسلم لي خال فاطنة». يا ترى كم هناك خال فاطنة، في ربوع بلادي الحبيبة.. قطعاً إنّهم كُثر. (الباقي حقي.. الشارع حقي.. و..) حقوق (ميتة) نتمسك بها إلى حد الاقتتال ونغض الطرف عن (حقوق) لو سعينا وراءها لكنّا (بشراً) مع (البشرية)!!.