قطتنا المنزلية ذكية، وتعمل عقلها في كل تصرفاتها، ولم أعهد فيها، ولا في أمها التي سبقتها في منزلنا، أي تهور أو تسرع في ما تتخذه من قرارات ! آخر قرارات القطة، أن تتحول للسكن .. في الحمام ! الشاطرة، حسبت الأمور بشكل سليم، فالحمام مكان هادئ لا تكثر فيه الحركة كبقية أنحاء المنزل، وقطتنا، بالمناسبة، نفساء هذه الأيام، وتحتاج هدوءا حين تقوم بواجبات الإرضاع، بعيدا عن أعين المراقبين، وهروبا من الفضوليين الذين يستهويهم دس الأنف في كل صغيرة وكبيرة ! ذكاء قطتنا ليس في اختيارها مكانا هادئا للإرضاع، ولكن في اختيارها الحمام تحديدا، حيث تنعم فيه بدرجة حرارة معتدلة، وقدر معقول من الرطوبة، في صيف الخرطوم اللاهب الذي لا يرحم قطا أو ديناصورا! والقطط ليست كالبشر، فمعظمها تتسم بالحكمة وبعد النظر، والإناث منها لا تفرط ثانية في صغارها، حيث لم نسمع أبدا باختطاف قط صغير من منزل ذويه، ولم نقرأ عن قط يافع خرج من منزل أهله دون أن يعود !! شخصيا، احترمت رأي القطة وقرارها، فثقتي في حكمتها تفوق ثقتي في الكثيرين من أصحاب الشوارب والبسطة الجسمية والمالية! لكن المشكلة أن الأمر لم يعد ممكنا حسمه بقرار انفراديري مني بحساب ابة المستمرة، دون أي مجاملة !اة مشاعر (الحاج)، حيث سمح لها مثل بقية أفراد المنزل، بقضاء أوقات محدودة، على أن، فقد ابتلينا بموجة من الضغوط، واجتاحت المنزل، شأن كل الدنيا، رياح الديمقراطية، فكان لا بد من سماع رأي الأغلبية، والعمل بما يرون. كان من الواضح أن رؤية الأغلبية المنزلية، عدم ترك القطة تسرح وتمرح بقراراتها المنفردة، فالمنزل ليس منزلها وحدها، والحمام حق مشاع لكل القاطنين في البيت، فلو سمحنا للقطة أن تقيم في الحمام، لما وجدنا قدرة على رفض نفس الخطوة لو اتخذها فرد آخر من أفراد المنزل. دفاعاتي التي وجهتها نحو المعارضين، أن القطة (نفساء) ومن حقها أن نوفر لها بعض الخصوصية لممارسة أمومتها، كما أن تكوينها الجسماني الرقيق لا يسمح لها بتحمل الحرارة اللاهبة ، وهي حرارة تداعى لها أصحاب الجلود التمساحية بالصراخ والشكوى، فكيف بالقطة التي لا حول لها ولا قوة !! الدفاعات المضادة ركزت على أن القطة لا تستحق معاملة خاصة، فهي لئيمة عندما يجد الجد، وإذا صادف قيام أحدهم ب (عفصها) عند ولوج الحمام، فإن القيامة ستقوم، ولن يسلم القدم العفوص من الأذى، حتى يراق على جوانبه الدم ! بديكتاتورية الأغلبية، انهزمت دفوعاتي،وتم طرد القطة النفساء من الحمام، لكن سمح لها مثل بقية أفراد المنزل، بقضاء أوقات محدودة، على أن يخضع ذلك للرقابة المستمرة، دون أي مجاملة ! انهزمنا يا قوم !