تعتبر أوساط سياسية بارزة بإن المشهد السياسي المتوتر، والذي يزداد تأزماً وغلياناً في الشرق الأوسط ، لن يكون كما كان قبل الجريمة النكراء التي ارتكبتها عصابات الكوماندوس البحري الإسرائيلي بحق سفن (أسطول الحرية)، التي كانت متجهة لكسر الحصار على قطاع غزة، ولا سيما بعد أن أقدم جنود الإحتلال الإسرائيلي على اقتحام سفينة القيادة التركية للأسطول في المياه الدولية، والذي أسفر عن مقتل عدد من الناشطين الأتراك، والذي ادى بطبيعة الحال إلى تفجير العلاقات التركية الإسرائيلية التي كانت متوترة اصلاً. وهذا الأمر ظهر جلياً من خلال تظاهرات السخط التركية الشعبية التي خرجت إلى الشوارع للتنديد بكل قوة بهذه الجريمة، والتي واكبها تصريحات غاضبة وشديدة اللهجة من قبل كافة الزعماء الأتراك ،سواء في أحزاب المعارضة أوالحكومة الذين توافقوا على تنديد واستنكار هذا العدوان،وهذا الأمر استتبع رسمياً في تركيا استدعاء أنقرة لسفيرها من الكيان الصهيوني، وإلغاء 3 مناورات عسكرية، واتهام رئيس والوزراء رجب طيب اردوغان «اسرائيل» بممارسة ارهاب الدولة ، والتقى معه بذلك وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، الذي طالب مجلس الأمن بأن يرد بقوة ويصدر بياناً رئاسياً يندد بشدة بهذا العدوان الإسرائيلي الذي يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وبكل بساطة يعد عملاً من أعمال القرصنة والسرقة،إنه جريمة قتل بيد دولة، وليس لذلك العمل أي عذر أو مبرر على الإطلاق». جريمة القرصنة الاسرائيلية على افراد وطاقم (اسطول الحرية) لا يمكن وصفها إلا بالجريمة الإرهابية النكراء، لكن في التداعيات السياسية لهذا الحادث فمن شانه أن يؤكد بإن حصار غزة المستمر منذ ثلاث سنوات لن يستمر طويلاً بعد العدوان الإسرائيلي على مناضلي وأحرار (اسطول الحرية)، وما ارتكبته حكومة التطرف اليميني الإسرائيلي، والذي ساهم في تسريع انطلاق بوادر التغيير في المشهد الإقليمي لن يؤدي سوى إلى تفاقم مأزق الكيان الصهيوني وعزلته في المنطقة والعالم. وتشير هذه الأوساط على إنه وبعد مطالبة الرئيس الاميركي باراك اوباما، خلال اتصال هاتفي مع رئيس وزراء العدو الاسرائيلي الارهابي(بنيامين نتنياهو) بأن يعرف في اسرع وقت ممكن الظروف الدقيقة لعملية الانزال الدموي،وبعد أن دعا الاتحاد الاوروبي الى اجراء تحقيق، وأيضاً بعد ان هاجم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاستخدام غير المتكافىء للقوة،وبعد كل موجة الأستنكار العارمة بهذا العدوان التي شهدها العالم،يبدو أن الصورة تبدو أكثر سوداوية على الكيان الصهيوني حكومة وشعباً، ولا سيما إن كافة المؤشرات تدل على إن عزلة(اسرائيل) في العالم عموماً/ومنطقة الشرق الاوسط خصوصاً، ستزداد عمقاً،وهذا الواقع المستجد سيؤدي بإنعكاساته وتداعياته الإستراتيجية إلى تغيير المشهد الاقليمي بقوة لصالح قوى الممانعة ودول المقاومة في لبنان، مروراً بسورية، ووصولاً إلى إيران ،ولا سيما بعد أن ساعدت السياسة الاسرائيلية الخاطئة من انتقال تركيا كليا الى الجانب العربي عوض ان تكون في الوسط بين الجانبين. وفي المشهد المقابل، وبعد مجموعة من التراكمات السلبية جدا التي تصب في خانة الحكومة الاسرائيلية المتطرفة، فإن الواقع الجديد من شانه أن يزيد من انكشاف (اسرائيل) وضعف حجة موقفها ،بعد أن باتت سمعتها الدولية في الحضيض بعد تراكم وتكرار جرائمها الموصوفة ضد الإنسانية،وتخشى هذه الأوساط من أن يدفع الوضع المتأزم والحرج لحكومة (اسرائيل) إلى تسريع قرارها بشن حرب جديدة في المنطقة، من خلال خلق الذرائع لشن عدوانها بهدف قلب الأدوار والمواقف السلبية تجاهها ،ولا سيما بعد توتر وتأزم علاقة الحكومة الاسرائيلية المتكررة مع ادارة الرئيس الاميركي باراك أوباما في واشنطن، وطبعاً من دون ان يعني ذلك ان العلاقات بين الجانبين ليست استراتيجية،وايضاً وبعد الغضب والسخط الأوروبي الصامت على "اسرائيل"، الذي تعود أسبابه إلى الحرب الاسرائيلية السابقة على قطاع غزة وما لحق بالفلسطينيين الابرياء جراء ذلك ،ولاسيما بعد تقرير غولدستون الشهير، وكذلك الغضب الأوروبي تصاعد وتفاقم بعد عملية تزوير جوازات السفر الاوروبية التي قامت بها (اسرائيل) لتسهيل اغتيال المسؤول في حركة «حماس» الشهيد محمود المبحوح في دبي، وقد ادت الى طرد ديبلوماسي اسرائيلي من بريطانيا ومن اوستراليا ، وتضيف هذه الأوساط بإن ما جرى مع (اسطول الحرية) يؤكد بإن(اسرائيل) كيان ارهابي لا يستطيع أن يعيش الإ على التوسع والحرب وارتكاب المجازر، وما تختزنه «اسرائيل» من احقاد، و ترسانة عسكرية، لا بد أن تنتج حرباً جديدة، بغض النظر عن التوقيت، وما جرى من جريمة موصوفة ارتكبتها حكومة العدو الإسرائيلي في وضح النهار، وعن سابق إصرار وتصميم بحق (اسطول الحرية)، يشير على إن المشهد بات أكثر وضوحاً، ويدل على هناك ملامح حرب جديدة في الافق، قد يكون لبنان المنطلق فيها ،ولا سيما إن استطلاعات الراي في(اسرائيل) أظهرت مؤخراً تأييد نسبة كبيرة من الشارع الإسرائيلي لشن حرب على لبنان ،ولا ننسى بإن هذا الشعب هو نفسه من أيد مجزرة غزة منذ سنوات قليلة، كما يؤيد ويدعم جرائم حكومة الثنائي الارهابي ( بنيامين نتانياهو) (أفيغدور ليبرمان) اليوم ويطالب هذه الحكومة باتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير الإجرامية بحق أفراد (اسطول الحرية)،هذه التطورات إذا ما أضفناها على الحملة الإسرائيلية الأميركية حول أكذوبة صواريخ ال(سكود)، وحملة التهديدات المتصاعدة التي يطلقها قادة العدو باتجاه لبنان وسورية، يدل على ما يبدو بإن هناك محاولة جديدة فاشلة لتطويع وإضعاف القوى الوطنية والتحررية في لبنان وسورية كما حاولوا في الماضي وفشلوا.