عدتُ من إيران فجر أمس ، بعد انتظار شاقّ، في مطار الدوحة، الذي وصلت إليه من طهران، في طريقي إلى الخرطوم، وبقيت هناك -بسبب الأحوال الجويّة في الخرطوم- لأكثر من أربع عشرة ساعة كاملة، انقضت بسلامة الوصول والحمد لله رب العالمين. رحلة إيران ، ومشاهداتي ، وانطباعاتي حولها، يجدها القارئ على هذه الصفحة ، مدعّمة بالصور والأحداث التي قمت برصدها، خلال وجودي في طهران، منذ يوم الأربعاء الماضي، وحتّى فجر السبت.. ولم أتمكّن من أن أباشر عملي في الصحيفة، إلا بعد ظهر أمس؛ لأجد في انتظاري مفاجأة سعيدة (متوقّعة).. وسأشرح الأمر بتفصيل أكثر. المفاجأة السعيدة هي وجود نسخة من مجلة (هنا أم درمان)، نسخة جميلة زاهية، ملوّنة الصفحات، (كاملة الدسم).. أمّا كونها (متوقّعة) فلأنني انتظرت صدورها قبل أن أغادر إلى طهران، إذ إنني تابعت أمر صدورها، منذ أن كانت فكرة، تدور في ذهن أهل الإذاعة، وفي مقدّمتهم الأستاذ، معتصم فضل عبد القادر، مدير عام الإذاعة، والأستاذ عبد العظيم عوض، رئيس الشبكة القومية، والأستاذ شاذلي عبد القادر، مدير شركة أفنان، التي تصدر عنها المجلة. وبدأت القصة قبل عدة أسابيع، والإذاعة تستعدّ للاحتفال بعيدها السبعين، في الثاني من مايو الماضي، وقد تلقيت دعوة كريمة من الأستاذين: معتصم، وعبد العظيم، للاجتماع بهما حول إصدار عدد خاص من مجلة (هنا أم درمان) وحدث أن اجتمعنا أكثر من مرة؛ لوضع الخطة الخاصة بصدور العدد، ثمّ القيام بالترتيبات الخاصة بالتنفيذ، وكنتُ ممثلاً في تلك الاجتماعات لشركة المنحنى للطباعة والنشر، بصفتي العضو المنتدب لها، وجرى تشاور مستمرّ حول سياسة المجلة، وأمر تحريرها، ومسؤولية الإشراف المباشر عليه، وأخبرني الأستاذ عبدالعظيم عوض، أنّ الاختيار قد وقع على الأستاذ نجيب نور الدين، ليكون رئيساً لتحرير المجلة، وهو صحفي كبير و(شاطر) جمعنا العمل معاً تحت سقف جريدة (الأيّام) آخر السبعينيات، وحتى إحالتنا إلى الصالح العامّ، بإلغاء الوظيفة في العام 1986م، وإعادة اسم (الأيّام) إلى مؤسسيها وأصحابها القدامى، والعلاقة بيننا قديمة ومستمرّة، وكنّا في فترة ما، لا نكاد نفترق ليل نهار، وأكاد أزعم أنني من أكثر الناس معرفةً بالأستاذ نجيب، وأنه من أكثر الناس معرفة بي.. وبدأت مراحل الإعداد العملي، والتنفيذ والتجهيز الطباعي، وأجريت الاتصالات اللازمة بمطابع المجموعة الدولية لنخوض معاً تجربة جديدة بإصدار أول مجلة في السودان على (ورق الجورنال) من (64) صفحة ملونة بأكملها مع غلاف ملون مصقول، في حجم المجلات المعروف، وظللنا على اتّصال مستمرّ مع الإخوة في المطبعة، وعلى رأسهم المهندس حمد الجاك، والأستاذ أبو عبيدة سر الختم، ومع الفنيّين بأقسام المطبعة المختلفة، إضافة إلى المتابعة في الشأن الإداري، مع القائمين بالأمر في المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، بخصوص التصديق الخاص بالطباعة، والدفع به إلى المطبعة، وقد أوكلنا هذا الأمر للأستاذ مأمون حسين، من شركة المنحنى وصحيفة «آخر لحظة»، مثلما أوكلنا أمر جمع المادة على أجهزة الحاسوب، لزميلتنا في مركز الحاسوب القسم الفني للصحيفة الأستاذة، إيمان طمبل، وأمر تصحيحها لزميلنا الأستاذ الطيب محمد الطيّب، وأمر تصميم الصفحات على الكمبيوتر وإخراجها لزميلنا الأستاذ فيصل ياسين، تحت إشراف مدير الإدارة الفنيّة بالصحيفة، زميلنا (المعلّم) الأستاذ ياسين محمد عثمان. وقبل أن تدور ماكينات الطباعة بساعات، كنت في مطار الخرطوم أغادر إلى طهران، وظللت منشغلاً بالأمر طوال فترة وجودي هناك، إلى أن عدتُ يوم أمس، ووجدت أعداداً من (هنا أم درمان) على مكتبي، لتكون مفاجأة سعيدة، وأحسب أنّ عودتها هي نفسها مفاجأة سعيدة لكل مستمعي ومتابعي ومحبي (هنا أم درمان) المسموعة.. والتحيّة للإذاعة السودانيّة في سبعينيتها.. وبمناسبة عودة (هنا أم درمان) إحدى أعظم المجلات السودانيّة، وأكثرها عراقة.. وشعبية..