وقفت «آخر لحظة» على حسابات الربح والخسارة والمنافع الاقتصادية بين شمال السودان وجنوبه والعلاقات الأزلية في هذا المجال التجاري والاقتصادي والذي نجم عنه تصاهر بينهما والافتراضات العلمية المفتوحة على احتمالي الوحدة والانفصال . التجار الجنوبيون في السوق الأفرنجي جلسنا في ضيافة اوغستينو مجوك في متجر ملبوسات قال إن الجنوبيين يعملون بصفة أساسية وسط الخرطوم بالتجارة ويبلغ عددهم نحو أكثر من ألف تاجر بمجمعات نيفاشا «1» ونيفاشا «2» ومجمع أويل التجاري وموبايل مول والصالون الأخضر ومجمع توب استايل ومجمع فشلا. كان اوغستينو تلقائياً في إجاباته عندما سألناه وسط اخوانه الجنوبيين التجار هل ستصوّت للوحدة أم الانفصال؟ قال هذا قرار شخصي كل واحد يعبر عنه عندما يضرِّب مصالحه في الوحدة أم الانفصال. وعلى العموم نحن لا نتدخل في السياسة ولم نجد صعوبة في التعامل مع الشماليين في محل التجارة أو السكن. شكوى أطلب منكم في «آخر لحظة» أن تعكسوا ارتفاع سعر الايجار (ما ممكن يكون سعر المتر 20 جنيهاً في اليوم الواحد يعني الشهر 600 جنيه أغلى من إيجار السكن). اما التاجر أروب مايوين قال (نحن منفتحون في التجارة ونستورد البضائع الاحذية والملبوسات من دبي وسوريا ولبنان ومصر ويوغندا وأثيوبيا). أروب روى قصة بداية عملهم في السوق الأفرنجي منذ عام 1983م وكان جملة التجار الجنوبيين لا يتجاوز الثلاثين تاجراً منذ ان كنا تجاراً صغاراً بالفرندات بالسوق. السوق الافرنجي نموذج للوحدة التف حولنا والزميل المصور سفيان التجار العاملون وقالوا لنا «شوفوا يا صحفيين السوق الافرنجي ده سودان مصغر ونموذج للتعايش فيه الجنوبي والشايقي والجعلي وأبناء دارفور وأبناء الشرق وبيننا صداقات وتعاون اخاء وعشرة طيبة امتدت لعشرات السنين». ü المصالح ابقت الشمالي في الجنوب والجنوبي في الشمال أتير قرنق احد الباعة الجائلين في ردهات السوق العربي سألته لماذا تفضل العمل التجاري في الخرطوم ولا تذهب لأهلك في مدينة واو وتعمل بالتجارة في سوق واو اجابته كانت حاضرة «ما في شماليين في واو وفي جوبا وملكال وغيرها من مدن الجنوب؟ على العموم أقول ليك كل واحد في البلد دي ليهو الحرية يعمل في الجنوب أو بورتسودان أو الخرطوم والوحدة مهمة لابناء الوطن الواحد لتوسيع فرص خيارات العمل وما في مشكلة ادروب يعمل في الجنوب والجنوبي يتاجر هنا في الخرطوم وبقية مدن السودان». ü الوارد عن دول الجوار الجنوبي ضعيف الجودة وباهظ السعر شكلت شركة جوبا للنقل محطة هامة في جولة «آخر لحظة» لمزيد من الاستيثاق من أثر العلاقات التجارية والاقتصادية وتبادل المنافع بين الشمال والجنوب في توثيق عرى الوحدة وعندها تعرفنا على أحد أعلام الطيران المدني العم عمر الحاج علي حمد والمستشار القانوني طارق الأمين وقال أمس اقلعت طائرة كارقو «cargo» تحمل مواد غذائية ومواد بناء وملابس زنة 38 طناً ومعدل الرحلات يصل احياناً إلى 4 رحلات في الاسبوع .وحول الوارد من الجنوب قال إنه ضعيف ومعظمها عربات للصيانة وبعض انواع الفاكهة ومواد غذائية للجنوبيين «وجبات شعبية» محدودة الحجم . وحول تأثير انفتاح الجنوب على دول الجوار وتأثير حجم المنقول من الشمال قال عمر الحاج لا تأثير يذكر لأسباب واضحة - الوارد من دول الجوار الجنوبي باهظ التكلفة لأن قاعدة التعامل فيها بالدولار فيما يتحصل عليها من الشمال بالجنيه. ومضى العم عمر قائلاً «ما ننقله من الجنوب غالباً يخص احتياجات حكومة الجنوب مثل العربات والزي العسكري والادوات المكتبية واسبيرات عربات». تجار سوق ليبيا زبائن لتجار جنوبيين من خلال عملنا في نقل البضائع اتضح لنا أن تجار سوق ليبيا زبائن دائمون لتجار جنوبيين كبار في سوق جوبا اكبر المدن الجنوبية. علاقة الشماليين والجنوبيين أقوى محمد مبروك جمع بين الصحافة والتجارة في الجنوب عددّ حزمة من الروابط وشدد على حتمية استمرار الوحدة لتبادل المنافع بين الشماليين والجنوبيين. وقال إن الشمال يوفر للجنوب ميناء التصدير لافتاً إلى أن التصدير عبر ميناء ممبسا الكيني يواجه بوعورة الطرق والتضاريس صعبة الاجتياز والامطار الغزيرة. وأضاف قائلاً معظم التجارة تتحرك من الشمال إلى الجنوب لأن الشمال تأتيه البضائع الجيدة من أوربا وامريكا عبر قناة السويس والبحر الاحمر حتى الوارد من الصين واليابان وكوريا وغيرها من دول القارة الآسيوية. وألفت نظرك لمسألة هامة وهي أن العلاقة بين الشمالين والجنوبيين أقوى من علاقة الجنوبيين فيما بينهم لأن هناك عداوات تاريخية بين هذه القبائل وجميعهم يثقون في الشمالي. الوحدة الجاذبة رسخها تعامل الجنوبيين مع التجار الشماليين. عوض عليش -تاجر بسوق جوبا الذي يزاول به مهنة التجارة غالب أهل الشمال بمختلف قبائلهم- أفادنا بأن للتجار الشماليين وجود طيب المعشر في التعامل مع اخوانهم الجنوبيين لدرجة وصلت المصاهرة وروى قصة قريبهم الذي تزوج من زانداوية ومن الباريا في مدينة جوبا وابناؤه يجيدون الرطانة اكثر من العربية. ويبقى التعاون التجاري وتغلب المصلحة والمنفعة المشتركة والتعاون بين الشمالي والجنوبي كما هو الحال في اسواق مدن الشمال ومدن الجنوب والتصاهر صمام الأمان لوحدة السودان بحدوده التي ورثناها عن الاجداد الأوائل.