أن غالبية مكاتب الوزارة مغلقة إن لم تكن جميعها خصوصا مكاتب الموظفين والموظفات من سكرتيرات وكتبة وغيرهم ولما سألت أين ذهب الموظفين جاءتني الإجابة بأن الجميع ذهبوا لأداء واجب عزاء لأحد الزملاء بالوزارة وإستمر غياب الموظفين لساعات وكانت الوزارة في حالة تعطيل كامل أثناء هذه الفترة. وفي زيارة أخري مماثلة لوزارة العدل والتي علي ما أذكر كانت في يوم 1 يونيو 2010 فوجئت بجموع غفيرة في إحدي الفرندات بالوزارة كما لاحظت عدداً من الأشخاص يطرحون أدوات منزلية (كبابي وتراميس شاي وغيرها من ألادوات المنزلية ) تبدو في شكل عرض للبيع علي الأرض . كان ذلك عرضيا وأنا في طريقي لمكتب المدعي العام المقابل لهذه الفرندة . ولما دخلت علي مكتب الموظفات الملحق بمكتب المدعي العام للسؤال عن مسألتي فإذا بي أجده مغلقا ولا أحد يوجد في أي مكان حتي أسأله عن أين ذهب العاملون. فعدت لمدخل البناية الموجود بها مكتب المدعي العام وبينما كنت واقفا أشهد ذلك الجمع الغفير يتزاحمون نحو أحد المنافذ بالفرندة سألت أحد المارين أمامي عن حقيقة هذا التجمع والزحام فقال لي اليوم صرف المرتبات ولما سألته عن تلك البضائع المطروحة علي الأرض قال لي أن هؤولاء يبيعون بالاقساط للموظفين..سبحان الله فإن ذلك المشهد ذكرني تماما الباعة المتجولين الذين تعودنا أن نراهم أمام المستشفيات أو ما عرف (ببائعي خشم الإسبتالية) ولكنها وزارة العدل التي تحولت إلي خشم إسبتالية!!! وفي يوم آخر حضرت فيه الي الوزارة وأنا محامٍ تتطلب مهنتي الذهاب لوزارة العدل بإستمرار ذهبت الي مكتب المدعي العام حيث لي طلب مقدم أمام رئيس النيابات المتخصصة. وعند دخولي لمكتب المتابعة المرفق بمكتب المدعي العام حوالي الساعة التاسعة والربع صباحا فوجئت بعدد أكثر 7 موظفات يجلسن في ذلك المكتب الصغير يتجاذبن أطراف الحديث .. كان يبدو عليهن كما لو حضرن للونسة قبل أن تذهب كل منها الي مكتبها .. وهنا تذكرت خشم الإسبتالية وطبيعة عنابر المستشفيات المكتظة بحلقات ونسة النساء أثناء زيارتهن للمرضي ...دخلت وبدأت بالسلام عليكم ولم يرد علي هذا السلام ... ثم واصلت سيري في إتجاه الموظفة المسئولة عن ملفات القضايا وكانت تتلاعب بتلفون الموبايل الذي كان في يدها ولما طلبت إفادتي بما حدث في الطلب الذي تقدمنا به وفقا لرقم المتابعة - الذي بالطبع أعطيته لها - أجابت دون أن ترجع لدفتر المتابعة - وهي منهمكة في التلاعب بتلفونها الموبايل - بأن الطلب مازال تحت الدراسة... ولما سألتها عن أسم المستشار الذي أمامه الطلب رفضت إعطائي أسمه بحجة أن هذا ممنوع ... فقلت لها أنني محامي ويجب أن أعرف المستشار الذي ينظر في طلبي خصوصا أن هذا الطلب تجاوز ثلاثة أسابيع الآن وأن التاخير يضر ضررا بالغا بموكلي... فقالت (يعني شنو محامي) ثم ردت أخري من بين الجالسات بأن تعليمات رئيسها هي أن لا تعطي أسم المستشار لأي أحد ... فسألت من هو رئيسها قالت المدعي العام .. فطلبت مقابلة المدعي العام فقالت هو غير موجود ... فطلبت أن يحدد لي موعد لمقابلته ... فقالت عليك أن تنتظر حتي يحضر المدعي العام ثم نحدد لك موعدا معه .. ولما قلت أنت سكرتيرة المدعي العام ويجب أن تكوني عالمة بجدول مواعيده وبالتالي تحديد موعد معه دون الرجوع إليه.. قالت لا أستطيع...بشكل جعلني أن أوقن الإستمرار في المناقشة قد يؤدي الي ما لا يحسب عقباه وأطرد من مباني الوزارة.. هذه هي إحدي أهم الوزارات وهذا ما يحدث بداخلها... ورسالتي لك ياسيادة وزير العدل الجديد أن تبدأ أولا بالتخلص من ثقافة اللامبالاة وعدم الإهتمام بشئون الدولة والمواطن الذي يأتي في مؤخرة الأولويات لموظفي الوزارات الحكومية وأن تعمل علي نشر ثقافة أن الدولة هي جسم اعد لخدمة جميع المواطنين... والاشخاص الذين يعملون في الدولة ويمثلونها عملياً هم اصحاب الوظائف العامة... فهم بالتالي يقومون بوظيفة عامة ولا يمثلون أنفسهم او احتياجاتهم الخاصة، بل يمثلون جميع مواطني الدولة ومصلحتهم التي هي مصلحة الدولة... ينطبق هذا الامر على الجميع ابتداءً من رئيس الحكومة، الذي يمثل الحكومة كلها، وانتهاءً بموظف السلطة المحلية الذي يمثل مكتبا معيناً في تلك المحلية.. ويجب على موظفي الدولة التصرف حسب وظيفتهم كما يجب عليهم اكثر من بقية المواطنين أن يكونوا بعيدين عن أي شبهة أو مخالفة او عدم استقامة او نزاهة وأن يتصرفوا بصورة تلائم وظيفتهم العامة ، وعليهم معاملة المواطنين والمتوجهين إليهم معاملة تليق بمهام وظيفتهم حتي لاتكون لشئونهم الخاصة أولوية علي شئون الدولة العامة... إن مثل هذه الممارسات لا تتم إلا إذا سمح بها من يرأسون الخدمة العامة... وما يدل علي ذلك ما شاهدته بالأمس وبعد فترة طويلة من بقاء نفايات حفر مجاري الخريف بالأحياء حيث لاحظت حركة دؤوبة ونشطة علي مستوي ولاية الخرطوم بنقل وتنظيف الشوارع مما خلفته عملية فتح المجاري...وأخيرا علمت أن السيد والي الخرطوم حدد للشركات المتعاقدة لفتح قنوات الخريف 72 ساعة لإزالة النفايات ... هذا بوضوح يفسر الي أي مدي يقصر المسؤلون في واجباتهم ..بمعني أنه وبمجرد أن أنتفض الوالي علي هذا الشركات بدأت العمل بجد وإخلاص ... يعني الناس ما بتجي إلا بالحسم والمتابعة وفرض العقوبات علي كل من يقصر في آداء واجبه .. شكرا لك سيادة الوالي لإهتمامك بأمور المواطنين ... ونتمني أن يقوم كل مسئول بمحاسبة كل من يتلاعب بحقوق المواطنين وإهدار زمن الدولة في أمور البيع والشراء والتلفونات الخاصة مما يضيع وقت الدولة والمواطنين... ü المحامي