الإنجليز.. خططوا طوال 60 عاماً لقيام دولة منفصلة في جنوب السودان. وبدأ الحلكم الإمبريالي طوال فترة وجودهم في السودان (1898 - 1956) وإلى حين مغادرة الحاكم العامّ الخرطوم. ولكن ماذا فعلوا لتحقيق ذلك الحلم الإمبريالي؟.. لا شيء.. لا بنيات أساسية، ولا مؤسسات، ولا قواعد لدولة حديثة.. ولا أبسط المقومات الإنسانية، من تعليم، وصحة، وتنمية، وصناعة، وتطوير يبشّر بالمشروع الجديد.. وبعد 25 عاماً من تاريخ صدور قانون المناطق المقفولة، سنة 1922، الذي عزل الجنوب كليّة عن الشمال، وحرم التواصل الإنسانيّ الطبيعيّ بين أبناء القطر الواحد.. ومنع أبناء الجنوب من التوجه إلى الشمال، ومنع أبناء الشمال من كافة أرجاء الجنوب.. وأطلق عليهم الأسماء القبيحة.. (الجلاّبة) مندوكورو.. أنانيا (الحشرة السامة).. بعد كلّ هذا، اكتشف في سنة 1947 أنّه لا جنوب بلا شمال.. ولا شمال بلا جنوب.. وأنّ التطوّر للجنوب إنّما يكون في وحدته مع الشمال، بصورة من الصور، أقلّها الفيدرالية بين شطري الوطن.. أي الحكم الاتّحادي بين ولايات الشمال والجنوب.. وإذا كان حلم السودانيين شمالاً وجنوباً الوحدة، فإنّ حلم الاستعمار القديم والجديد الفرقة والتشتيت (فرق تسد) ولست أدري.. أي الحلمين سوف ينتصر؟ حلم أبناء السودان في الوحدة.. والحفاظ على وطنهم الكبير، من نمولي وجوبا، إلى حلفا والشلاتين.. أم ينتصر رأي الاستعمار الأنجلو أمريكي في تحطيم السودان..؟