عندما يقول د. عبد الرحمن الخليفة إن النصوص الدستورية الحاكمة للمشورة الشعبية لا يمكن تفسيرها بغير المعاني والمقاصد الواردة، وإن المشورة الشعبية لا يمكن أن تصبح حق تقرير مصير للأنقسنا وجبال النوبة. فالدكتور عبد الرحمن يصيب الحقيقة في كبدها من جهة القانون والدستور، لكن مدرسة القانونيين السودانية التي تميل للسياسة «الكلامية» هي من رهنت وحدة البلاد لنصوص غامضة لا معنى لها أطلقت عليها الوحدة الجاذبة؟؟.. كل شعوب العالم وفي أي دولة مُنح جزء من شعبها حق الاستقلال عن الدولة الأم إلا اختار الانفصال، فلماذا يختار الجنوبيون الوحدة؟؟ وما هي أسباب هبوط معجزة سماوية على رؤوس الجنوبيين لتجعلهم يختارون الوحدة مع الشمال!! ü إذا كان الجنوبيون يتمسكون بتاريخ التاسع من يناير القادم «كالعميان للعصاة» لإجراء الاستفتاء.. فإن المشورة الشعبية لمناطق جبال النوبة والأنقسنا ربما يفوت عليها الآوان حينذاك وتتجاوزها الأحداث خاصة إذا حدث انقسام للدولة الحالية دون التوقيع على اتفاقية جديدة بين دولتين للحيلولة دون نشوب حرب حدودية بينهما.. اتفاقية تحول دون انتقال خليل إبراهيم من تشاد وليبيا لجنوب السودان وانتقال اللواء أطور من جونقلي إلى النيل الأبيض وتبادل الدولتين الأذى المتبادل تلك السياسات «الغبية» التي لا تثمر سوى أمراض وأوجاع وخسائر فادحة في الأرواح.. ü إذا انفصل الجنوب بحلول فبراير من العام القادم وذلك هو الراجح- إلا في في حال حدوث معجزة - فإن الانفصال سيلقي بظلال سالبة جداً على المشورة الشعبية وربما لاتجرى انتخابات أصلاً في جبال النوبة لاختيار المجلس التشريعي والوالي بسبب نشوب الحرب المتوقعة والتي يبصرها بالعين المجردة كل من له بصيرة إلا «السادرين» في أوهام بعيدة عن حقائق الواقع، فالمشورة الشعبية لا تنهض في غياب معادلة الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في سلطة مشتركة بولايتي النيل الأزرق وجبال النوبة، والآن تشهد ولاية النيل الأزرق ممانعة من الجنرال مالك عقار في الحفاظ على نسبة 45% إلى 55% ويسعى لرفع حظ الحركة الشعبية من السلطة لنحو 75% رغم وجود أغلبية للمؤتمر الوطني في المجلس التشريعي.. مضى الجنرال في تعيين كل مديري الوزارات من الحركة الشعبية وكان يخطط لتكوين حكومته من الحركة دون مشاركة الوطني.. فهل حينما ينفصل سيبقى مالك عقار في السلطة بالنيل الأزرق حاكماً بعباءة الحركة الشعبية؟؟ أم سيتم التوقيع على اتفاقية تنظيم للانفصال تحفظ «عفش الشعبية في الشمال وعفش المؤتمر الوطني في الجنوب» وأن لا يصبح شعار العفش داخل الشمال والجنوب مسؤولية أربابه. ü في جبال النوبة الحركة الشعبية هي من «باعت» للناس البسطاء الأوهام الكاذبة وادعت بأن المشورة الشعبية ستفضي لحق تقرير مصير أو تنقل القضية لتحكيم دولي في لاهاي مثل أبيي.. وبإرادة الحركة تم تأجيل الانتخابات حتى العام القادم وحينها سينفصل الجنوب ولن تنفصل معه جبال النوبة لأنها ولاية شمالية، ولكن إذا لم يحسن أهل المنطقة إدارة شؤونهم ويبدأ من الآن حوار عميق وهادي لأبناء المنطقة من النخب والمثقفين لوضع تدابير لحماية المنطقة من شرور أبناء المنطقة تصبح المشورة الشعبية لا معنى لها لأنها لن تقوم وتنهض بدلاً عنها البندقية وتعود الآهات والأحزان والدموع لجبال النوبة التي لم يجلس أبناؤها حتى اليوم للاتفاق على ما يترتب على انفصال الجنوب وترك أمر المنطقة برمته في ذمة «هارون والحلو» وهما بجهد لا ينكر بلغا بنا الجسر ولكن كيف نعبره؟؟