في مجتمعات كثيرة، يُنشّأ الأولاد منذ الصغر على فكرة أن البكاء ضعف، وأن على الرجل أن يكون صلباً لا يُظهر مشاعره. غير أن هذا الموروث الاجتماعي، كما تؤكد الدكتورة صوفيا سوليم، اختصاصية علم النفس، ليس فقط مضلّلا، بل قد يكون مضرّاً صحياً ونفسياً على المدى الطويل. تقول سوليم إن كبت البكاء والمشاعر السلبية لدى الرجال يُعدّ عاملاً خفياً وراء تفاقم العديد من المشاكل الصحية، خصوصاً في القلب والجهاز الهضمي. وتشير إلى أن الكثير من الرجال يعجزون عن التعبير العاطفي بشكل سليم بسبب تراكمات تربوية، ما يؤدي إلى تراكم المشاعر داخلياً وتحويلها إلى ضغط نفسي دائم. وتضيف: "من المهم أن نفهم أن بكاء الرجال ليس ضعفاً بل استجابة طبيعية وعاطفية. لكن غالباً ما يحتاجون إلى بيئة آمنة، مثل مشاهدة فيلم وحدهم أو مع شخص مقرب، ليعبّروا عن أنفسهم بعيداً عن الأحكام المسبقة". وتحذّر سوليم من أن قمع المشاعر يؤدي في كثير من الأحيان إلى أمراض في القلب مثل الذبحة الصدرية ونقص التروية، إضافة إلى مشاكل هضمية خطيرة مثل القرحة والتهاب المعدة والاثني عشر، وكلها مرتبطة بالتوتر والانفعال المزمن. بينما تؤكد الدكتورة يكاترينا إيغونينا، اختصاصية علم النفس، أن كبت المشاعر السلبية يُعدّ أحد أكثر العوامل تدميراً للصحة النفسية والجسدية، مشيرة إلى أن تأثيراته لا تتوقف عند حدّ التوتر، بل قد تتحول إلى أمراض عضوية يصعب علاجها مع الوقت. ويجمع الخبراء على أن الطريق نحو التوازن العاطفي يبدأ بالاعتراف بالمشاعر وعدم دفنها. فالرجل، تماماً كالمرأة، يحتاج إلى مساحة يعبر فيها عن حزنه وخوفه دون خجل أو تردد. فربما تكون الدموع، في بعض الأحيان، دواءً صامتاً ينقذ القلب قبل أن ينهار.