الأستاذ حسين خوجلي رئيس تحرير ألوان صاحب ل ( الوان كلمة)، من الذين يؤمنون بأن العمل الصحفي المميز الذي يجذب القراء اليه هو الذي يشتم فيه القارئ رائحة عرق من كتبه.. أما في الشاشات فإنه بهذه القناعة يعمل الثنائي المنسجم الأستاذان حسن فضل المولى والشفيع عبد العزيز في قناة النيل الأزرق، الشئ الذي جعل القناة تقفز إلى المرتبة الأولى من حيث المشاهدة، وتصعد بها إلى القمة، دون أن تزحزحها قناة أخرى من تلك التي تمتلك إمكانات مالية أكبر وجيوش عاملين أكثر.. والأستاذ الشفيع- كما عرفته- لا تقفز اليه فكرة للتجديد والإضافة والتميز، إلا سارع اليها فعندما قرأ مؤخراً خبراً عن سوداني غيَّر من صورة الإسلام في أمريكا، وأدخل أعداداً كبيرة جداً من الأمريكان في الإسلام، هب ومعه الساعدان القويان لؤي بابكر صديق والطيب إلى أمريكا، ينقبان لأيام وليالٍ بلا كلل أو ملل حتى خرجا بأقيم وأروع عمل توثيقي يفتخر به أهل السودان، وهكذا قناة النيل هي مع المبادرة، فعندما تقدمنا في برنامج (من بلدنا) الذي أعده وقدمه بالقناة بطلب للسفر والتجوال في أرجاء نهر النيل، لنقل طقوس حياة الناس هناك بلا رتوش، ناقلين لعاداتهم وتقاليدهم وإرثهم الجميل، لم يتأخر القائدان للحظة في الموافقة، بل وفرت لنا النثريات والسيارة المكندشة، وتصديق المرور في بلادنا، التي تُفرض فيها الرسوم على طرق المرور، حتى على السيارات التي تقدم الخدمات للناس لنتحرك بقيادة شيخ المخرجين صلاح أوندي، الذي يظهر في عمله كأنه في العشرين حركة وحيوية، ومساعد المنتج النشط هاشم الإمام وفريق من المصورين، يلتقون في قوة التحمل والإصرار على التنافس، على أن يكون كل واحد منهم متميزاً في آلته ودوره، وهذا ما يميز قناة النيل الأزرق، فهي تنتقي المصورين والمخرجين بعناية كبيرة، وقد أندهشتُ عندما وصلنا إلى شندي لالتفاف الناس وخروجهم من منازلهم، لمصافحة فريق القناة وتأكيدهم بأنها قناتهم المفضلة، ولم نكن نمر في طريق إلا ويتم إيقافنا والإصرار على اكرامنا.. وبين شندي والأرياف والمناطق التي مررنا بها يزداد التأكيد بأن قناة النيل الأزرق يحفظ الناس هناك برامجها، ومذيعيها ومقدمي برامجها، مما جعلني أعرف سر انتشار وذيوع ونجومية من يقدمهم برنامج نجوم الغد بسرعة.. فالقناة الآن هي الأولى بلا منافس، هكذا يقول الناس .. كما الجنرال فضل المولى المدير الأميز في الإدارة في نظرهم، فالقناة التي تمتلك استديو واحداً داخل حوش الفضائية السودانية، لا تعاني- بحسن الإدارة- من مشكلة مرتبات أو استحقاقات ضيوف، وباب مديرها مفتوح للجميع، بلا حاجب أو سكرتارية كما في القنوات الأخرى، كما استفادت من مقدرات الشفيع وتجاربه لتقدم برمجة جعلت القناة تصمد في القمة، برغم شح الامكانات المالية، وجعلت برامجها حديث المجالس في كل يوم، وجعلت أسرة محدودة الدخل في منطقة (الشقالوة) تقسم علينا بتناول وجبة الإفطار، إكراماً واعجاباً بقناة النيل الأزرق، التي ترى أن الناس يجب أن تكرمها بأغلى ما تملك وفاءً للعطاء الذي ظلت تقدمه لهم، أما عمنا بكراوي الناشط ثقافياً بالولاية فقد أقسم علينا أن يكون بيته منطلقاً لنا، جامعاً لنا، كل رموز الثقافة هناك، كما تلقينا أكثر من (16) دعوة لتسجيل حلقات بمناطق مختلفة.. فشكراً أخي حسن فضل المولى، عبارة طلب منا أهل الولاية الذين قابلونا أن ننقلها اليه، لأنه شنف أسماعهم بالجميل وعيونهم بالروعة، كما امتد شكرهم للمبدع الفنان الشفيع عبد العزيز ساحر البرامج، كما أطلقت عليه إحدى الصحف الزميلات قبل أيام. خلاصة القول: مما شاهدته وما سمعته في نهر النيل، تأكد لي أن المشاهد الذي بيده(الريموت كنترول) صار يوجهه بقناعة نحو قناة النيل الأزرق، انحيازاً لعطاء يقدرون من ورائه، وأنه لو قدر للقنوات الأخرى أن تجري استبياناً في الولايات لراجعت نفسها، وأدركت بعدها عن الجمهور، الذي صار منحازاً كلياً لقناة النيل الأزرق ومبادراتها بالخروج من الاستديو، لأن البرامج من داخل الأستديو لم تعُد جلها جاذبة للمشاهدة.