ثلاث جهات تحقق حاليا في قضية "شحنات الحبوب" التي شغلت الرأي العام في الجنوب منذ وقت طويل , حيث تباشر لجنة داخلية كونها وزير المالية ديفيد دينق اتوربي , ولجنة أخرى كونتها مفوضية محاربة الفساد، بجانب لجنة رئاسية خاصة تكونت بطلب من رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت , كما أفاد بذلك (الأحداث) وزير الشئون القانونية بحكومة الجنوب مايكل مكوي عبر اتصال هاتفي من جوبا. وقال مكوي ان حكومة الجنوب كونت اللجان الثلاث نظرا لأهمية القضية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر, مضيفا ان هذه الجهات الثلاث سترفع نتائجها النهائية لوزارته متى ما انتهت من أعمالها (لانعرف بالضبط متى تنتهي من أعمالها لكننا سننتظر ومن ثم سنقوم بدورنا في وزارة الشئون القانونية وفقا لنتائج لجان التحقيق). وبرزت قضية "شحنات الحبوب" الى السطح مرة أخرى عندما كشف وزير المالية أن جهات ما في وزارته مازالت تتعقب ماقيمته (2.7 مليار دولار) عبارة عن نقود دفعتها الوزارة لتجار حبوب تعهدوا باستيراد حبوب لجنوب السودان لمواجهة ازمة الغذاء هناك. وتعود تفاصيل هذه القضية الى أن وزير المالية المقال ارثر اكوين كان قد طرح عطاءات في العام الماضي لعدد من الشركات لاستيراد حبوب (ذرة وقمح) لسد الفجوة الغذائية التي بدت تطل على الجنوب. وتقدمت عدد من الشركات (12 شركات على الأرجح) وفازت (6) منها بالعطاءت واستلمت القسط الاول من قيمة العقد, ولكنها لم تلتزم باستيراد الحبوب. ويقول وزير الاعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة بول ميوم ان بعض الشركات جلبت عددا قليلا من الذرة وهي موجودة في المخازن, غير أن معظمها لم يفِ بالتزاماته تجاه الوزارة. ويؤكد ميوم الذي كان يتحدث ل(الأحداث) عبر الهاتف أن بعض الشركات وهمية وليس لها وجود على أرض الواقع (هذه هي الحقيقة التي اكتشفتها وزارة المالية بعد أن راجعت المستندات أن هنالك شركات أخذت أموالا ضخمة وهربت, ولهذا كونت لجنة التحقيق للتأكد من ملابسات هذه الصفقة). وعلمت (الأحداث) من مصادرها أن ثلاثا من هذه الشركات يملكها مسئولون جنوبيون, فيما تعود بقية الشركات الثلاث الاخرى الى تاجر شمالي وآخر أوغندي والثالث كيني. وكان وزير المالية المقال قد استجوب أمام لجنة برلمانية خاصة في المجلس التشريعي بالجنوب حول هذه القضية، وتعهد بالكشف عنها غير أن التعديل الوزاري الاخير والذي أجراه سلفاكير قد أطاح به من منصبه. وفي هذا الصدد يقول جيمي وانقو وهو رئيس لجنة الحسبة العامة بالبرلمان إن اللجنة البرلمانية ستواصل هذه القضية حتى النهاية. وقال ل(الأحداث) بلهجة غاضبة إنه من غير المعقول أن تصل مستويات الفساد الى هذه الدرجة من اللا إنسانية (حتى لو تورط مسئولون كبار في الحكومة فلا بد من تقديمهم للمحاكمة, هذه قضيتنا وسنقاتل من أجلها). وزاد بالقول (نحن في انتظار نتائج لجان التحقيق وسنطلب بسرعة إنجاز مهامها). وتحوم شكوك حول مقدرة الجهاز الرقابي والتشريعي بالجنوب والمكون من (270) عضوا معظمهم من الحركة الشعبية, في مراقبة اداء الجهاز التنفيذي في الجنوب بسبب تداخل المصالح والتقاطعات بين متنفذين كبار وجنرالات في الجيش الشعبي طبقا لتقرير أصدرته مفوضية محاربة الفساد العام الماضي ونشرته (الأحداث) وقتها. ولهذا السبب بالذات, كان رئيس المجلس التشريعي جيمس واني ايقا اعتزل العمل البرلماني, واعكتف خارج منطقة جوبا لفترة ليست بالقصيرة, ورفض العودة الى عمله إلا بعد أن تدخل رئيس الحكومة سلفاكير وتعهده بمساعدته على محاربة المفسدين الكبار داخل الحكومة. وهنالك حالات فساد مشهورة ويعرفها معظم الناس في الجنوب مثل قضية وزير المالية السابق اثر اكوين المتهم باختلاس 60 مليون دولار , ثم النائب العام السابق الذي أقيل من منصبه لتهم تتعلق بالفساد, ثم حالة الجنرال مأمور مييت المعتقل منذ أكثر من عامين ونصف العام على ذمة قضية فساد كما قال رئيس المجلس التشريعي بذلك. وأيضا أرملة مؤسس الحركة الشعبية الدكتور قرنق, والمستشارة بحكومة الجنوب ربيكا قرنق قد اتهمت في أغسطس الماضي وفي مبني البرلمان وأمام الاعضاء نائب رئيس حكومة الجنوب الدكتور رياك مشار ووزير الشئون القانونية مايكل مكواي بالتورط في صفقات مشبوه, وإدارة أعمال وهمية. أما آخر قضايا الفساد التي لم تصل الى المحاكم هي تورط جوزفينا ابنة القيادي الجنوبي الأبرز جوزيف لاقو التي تتقلد منصب وكيلة وزارة التعليم بالجنوب, عندما حولت مبلغ (135) الف دولار كانت مخصصة للطلبة الجنوبيين بأوغندا الى حسابها الخاص في البنك. ويعزو المتحدث باسم الحكومة تأخر البت في هذه القضايا وغيرها أنها تأخذ وقتا طويلا في التحقيقات, وان بعض القضايا بها تعقيدات وإشكالات قانونية (التركيز حاليا منصب في قضية الحبوب وسنقدم كل من يثبت تورطه الى المحكمة وسينال العقوبة المنصوص عليها في القانون).