ثمة حقيقة ماثلة أمام أعين كل متابع للحركة المسرحية في الآونة الأخيرة وهي أي الحركة المسرحية قد فقدت كثيراً من ألقها وسيرتها الأولى المتمثلة في المواسم المسرحية وبالتالي كان من الطبيعي أن تتشكل الفرق والجماعات المسرحية غياباً لتتوارى عن الانظار بشقيها الحكومي والمدني خاصة وانها كانت تلهب الحماس في الساحة نسبة للغياب لعدة أسباب اهمها تمويل الأعمال التي ترغب في إنتاجها ليتفرق شمل بعضها والبقية الباقية موجودة بالاسم فقط ولم تقم بأي نوع من انواع النشاطات ولكن قرار وزير الثقافة السموأل خلف الله بدعمه للعروض المسرحية ودفعه لنثريات السفر هل يجعلها تعود من جديد؟ تقلص نشاطها اذا رجعنا بذاكرتنا الى الوراء قليلاً نجد أن المسرح التجاري بدأ بمسرحية الدهباية الذي لا يمكننا أن ننسبها الى فرقة بعينها حيث قامت بتنفيذه مجموعة من المسرحيين بقيادة الأستاذ مكي سنادة وفي ذات الفترة بدأ الراحل الفاضل سعيد في تحويل فرقته من فرقة أهلية الى مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص تعمل في مجال الإنتاج المسرحي تحت اسم مقاس وطوال فترة نشاطه المسرحي المنتظم من العام 1955م الى العام 2005م لم تنتج له الدولة سوى عروض قليلة لأنه كان لا يربط عمله المسرحي فنياً بمسرح معين مما جعله قابلا للانتقال من مسرح ذي تجهيزات جيدة الى ناد في إحدى القرى النائية دون خسائر كبيرة ليختلف واقع الحال مع الفرق والجماعات التي تقلص نشاطها الآن. وفي حديثنا الى الأمين العام لاتحاد المهن الدرامية وعضو فرقة نمارق المسرحية الاستاذ خليفة حسن بلة قال إنه يرى بالنسبة للوعودات التي أطلقها الوزير أرى أنها لن تنزل الى أرض الواقع إلا بعد انتهاء الدورة الثانية عشرة لمهرجان أيام البقعة المسرحية وبعدها يتم إعلان المواسم المسرحية وقبل ذلك نحن الآن أصبحنا نعاني من مشاكل وسائط متمثلة في الإذاعة التي قلصت نسبة الدراما وبجانب التلفزيون القومي وبقية القنوات الأخرى وقناة الشروق تعتبر الوحيدة من بينهم التي تحرص على إنتاج دراما باستمرار متمثلة في حكايات سودانية. ومضى خليفة بالقول نثمن للوزارة جهودها ولكن يجب أن لا ننتظر أحداً ليحل لنا مشاكلنا وكأننا كسالى ولا ندري قيمة أنفسنا وأنا عضو في الاتحاد وأقول هذا الحديث، والآن عدد من الفرق متوقفة عن العمل وقديماً لم يحدث أن توقفت فرقة الممثل الراحل الفاضل سعيد حيث كان يعمل أحد عشر شهراً وكذلك فرقة الأصدقاء المسرحية تقدم عروضاً من حين الى آخر ولكن الأمر يتعلق في انتظارنا لمن يأتي ويحل لنا الظروف التي تعيق عملنا. مؤمنة برسالة المسرح بالأمس كانت فرقة السديم من الفرق التعليمية التي أسهمت في تطور الحركة المسرحية ويرى الأستاذ قاسم أبو زيد وهو أحد أعضاء هذه الفرقة من وجهة نظره الخاصة أن الفرق والجماعات هذه كانت تشارك في المواسم المسرحية عند بداياتها في الستينات وكانت تقوم بالإنتاج الكامل وتعرض لمدة خمسة عشر يوماً وكانت الدولة هي التي تتكفل بهذه العروض وتدعمها بشكل أساسي مما أسهم في تنامي الفرق. أما اليوم فنجد أن المواسم قد توقفت لتصاب الحركة بالكساد وفي الأصل هذه الفرق غالبية أعضائها أصدقاء دراسة وكانوا قديماً لا يعتمدون على إقامة العروض بالمسرح القومي حيث كانوا يتجولون في الأقاليم وبما أنه الآن سيتم تأهيل المسارح وافتتاح عدد منها وستؤهل أخرى مثل مسرح خضر بشير وإقامة مسارح في جبل أولياء وأم بدة وعلى الدولة أن توفر ميزانية لهذه الفرق ولو لفترة محددة وبعد فترة من الزمن ستعتمد هذه الفرق على نفسها خاصة وأنها مؤمنة برسالة المسرح بالإضافة الى حاجتنا الى قيام فرق وجماعات مسرحية جديدة فالفن عظيم بعظمة الإنسان ضم عضو فرقة نمارق المسرحية صلاح أحمد صوته الى خليفة وقاسم حيث قال إن الفرق موجودة ونحن في نمارق موجودون كأفراد ولكن نشاطنا للأسف متوقف لأن أجهزتنا الإعلامية المتمثلة في الإذاعة والتلفزيون نجدها لا تعمل وفق استراتيجية من أجل إنتاج دراما وهذا الشيء هو الذي أدى الى تعطيل عمل الفرق والجماعات على اختلافها.