لكل بيت سوداني منذ بزوغ الفجر أبواب مشروعة في وجه مختلف الزائرين أوالغائرين، وباب المنزل نفسه يتخذ العديد من الأساليب لفتحه، فمنه ما تم ربطه بسلك أو حبل موصول بقفل الباب ويمر عبر فتحة عشوائية (قدة) في صاج الباب، ومنه في بعض الأحياء الراقية ما عُلِق فيه أحد الأجراس الكهربائية المهملة في الغالب أيضاً، ويبدأ مسلسل طارقي الأبواب في العادة باكرا ًويستمع له صاحب المنزل مولدا ً وراءه لحظات من الترقب والخوف من القادم المجهول حتى اللحظة، فقد ارتبط طرق الابواب بالمتحصلين وهم كُثر! وارتبط الولوج المباشر خصوصاً في المناطق ذات الطابع الريفي حتى الآن بالجار والقريب والصاحب ويبدأ الاستئذان بتصفيقة في منتصف الدار وبعد الدخول فعلياً! لذلك لا خوف من هذا النوع، ومن هؤلاء القادمين الزائرين أو الغائرين موظف تحصيل المياه أو قارئ عداد الكهرباء (سابقاً)، ويليهم سيد اللبن وسيد العدة وسيد الخردة وحتى سيد الدكان أحياناً ويستمر (الأسياد) في ذلك. لحاجة فتحية رأي في ذلك حيث تقول باب بيتها مفتوح للزوار في أي وقت وبات ذلك سمة من السمات الأساسية لأي بيت سوداني والداخل للمنزل لا يحتاج لاستئذان ووصفت ذلك ب(اللئامة والكعوبية) ومن العيب والإحراج طلب الإذن للدخول، وأضافت أيضاً بأن خارطة المنزل السوداني أخذت شكلاً جديداً يلغي أواصر الترابط والود القديم بين الجيران فلا وجود للطاقة أو النفاج بين البيوت وكانت كل البيوت تفتح في بعض. محمود موظف حكومي يقول لا أتواجد في المنزل كثيراً لظروف عملي ولكن في يوم الإجازة الأسبوعي أرى ما يكفي من ذلك، ويقول نحن شعب لا نحترم الخصوصية وآداب الزيارة ملغية ويرجع ذلك لطبيعتنا وبساطتنا وتداخلنا المميز، ولكن أرى بأن الموضوع مرهق جداً. د. هند تقول هذه العادات باتت لا تسبب لي ضيقا فقد تعودت على أن أكون مستعدة في أي لحظة لقدوم زائر، والخصوصية المفقودة أسرقها للحظات من وقتي دون ترتيب مسبق، وتلك الزيارات (المباغتة) موجودة سواء في زيارة المنزل أو زيارة مريض في المستشفى. والشاب حسان يقول: يعتقد بأن لكل زمن ظروفه ومقاييسه المختلفة ولو نظرنا لباقي الشعوب لوجدنا أن للزيارة أوقات خلال اليوم وفي بعضها تحدد أيام محددة لتبادل الزيارات والتي تنعكس على الشخص فتؤثر في تنظيم تفاصيل يومه وباقي شؤونه وتحفظ للتواصل شكل جيد ايضاً. والشيخ محمد إمام مسجد الحي استهل القول بأن للزيارة آداب حث عليها الدين قبل العادة ولم تفرض عبثا (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ)) سورة النور