زرت القضارف الأسبوع المنصرم مع الدكتور عبد الماجد عبد القادر بصدد إنتاج فيلم قصير عن الأحزمة الشجرية للمشاركة به في مهرجان إقليمي عن البيئة والإعلام. ومشروع الأحزمة فكرة نفذها عبد الماجد بزراعة 34 مليون شجرة ساهمت في المحافظة على البيئة وزيادة الأمطار وحاجات تانية كتيرة ووجدنا القضارف تعيش على تصريحات الوالي الفلاح كرم الله عباس الشيخ . ولاية القضارف تعتبر من أغنى ولايات السودان بمواردها الطبيعية من غابات وزراعة مطرية وتفتقر للمياه عصب الحياة . كانت القضارف قبل الوالي الحالي كرم الله عباس ولاية منسية مثلها مثل الولايات الطرفية الأخرى لا حظها من الاهتمام والانتباه من الإعلام والدولة إلا إذا ألمت بها ملمات أو حدث بها كارثة وهناك الكثير من الولايات لا يعلم المواطن البسيط من هو واليها، أو ماذا يجرى فيه؟ ومن أين جاء وماذا فعل من قبل؟ ومن هو والي شرق دارفور؟ أو والي شمال كردفان؟ وما هي مشكلاته؟ أين فتحي خليل والي الولاية الشمالية الذي كان نجمه ذائعاً وصيته عالياً عندما كان نقيباً للمحامين؟ وما ظل نجم أحمد هارون ساطعاً إلا لأن التوترات الأمنية التي حدثت في الولاية هي التي جعلت كاميرات الإعلام تعود به للأضواء. من الوالي السابق لأحمد هارون؟ والحقيقة أن الولايات لا تجد حظها من الاهتمام الإعلامي الرسمي أو الشعبي إلا في حالة حدوث أمر جلل. أما الوالي كرم الله عباس الشيخ تربالي ويفتخر بأنه مزارع، تصدر واجهة الإعلام بتصريحاته المثيرة للجدل التي حركت الساكن في بحر السياسة الراكد، وكثير من أقرانه وأنداده من الولاة يودون أن يفعلوا مثله ولكن تظل تصريحاتهم مكتومة في صدورهم دون القدرة على الإفصاح عنها ولن يستطيع أن يصرح بها حتى الكبار في المركز. كرم يطلق الهواء الساخن دون النظر لما يترتب عليه لا يراعي ولا يهتم ربما لأنه غير موظف وما خائف على شىء يفقده. كم من سياسي نافذ في المؤتمر الوطني يحن للهجرة للمنشية ولكن تكتفه التزامات الحزب الحاكم! وكم من والٍ يريد أن يتغزل في حب الترابي ولكن قاتل الله السياسة وووووو لكن كرم الله أعلن حبه لشيخه الترابي ولم يخف من إعلان ذلك . كنت أشاهد حواراً للسيد الوالي في النيل الأزرق وضمن ما جاء فيه انتقد فيه وزير المالية انتقاداً صريحاً وواضحاً ووصفه بأنه يدعم ولايات لا تسمن ولا تغني ويتجاهل ولاية القضارف، الولاية الغنية بمواردها وكرم الله الذي نادى بالتطبيع مع إسرائيل لأن هناك تياراً داخل المؤتمر الوطني ينادي به وهو منهم على حد قوله، وبذلك رمى حجراً كبيراً في بركة ساكنة وفقع بالون اختبار مازال صدى حديثه يتردد، مما جعل المؤتمر الوطني يتململ من حديثه وأعاد الى الأذهان قصة الفلاشا وملابساتها. أنا شخصياً وبعيداً عن السياسة ودهاليزها مبسوط جداً من كرم الله وطريقته في تفجير القضايا ولا أتحدث عن إدارته لولايته أو إنجازاته لأن هناك جهات جاءت به وتعرف جيداً كيف تقيِّم أداءه، ولم تجمعني به معرفة شخصية ولم أشاهده إلا في التلفزيون أو أقرأ حوارته أو تصريحاته في الصحف، وشهدت له مقابلة في قناة النيل الأزرق مع البروفيسور مامون ضو البيت - الرجل المهذب والعالم العارف ماذا يعمل وكونه في حكومة كرم الله تحسب للسيد الوالي الذي يستعين بالمختصين - وفرق شاسع بين طريقة البروف الدبلوماسية وطريقة كرم الله على السليقة ولا أقدح في طريقة البروف فهو رجل عالم وأكاديمي لكن والله وبكل الصدق كنت مرتاحاً جداً لطريقة كرم الله في الحديث، لأننا اعتدنا من السياسيين أن لا يصدقوننا في القول فهم يقولون حديثاً حمال أوجه لا تدري ماذا يقصدون به!!!! لكن كرم الله قطع أخضر وكلام واضح وصريح يدخل القلب توووش وهنا أس خلاف السياسيين مع كرم الله!! ومن هنا أوجه رسالة للسيد والي القضارف وسمعته في مقابلة في برنامج يقدمه عمر الفاروق بقناة النيل الأزرق انه لا يريد تعاملاً مع الصحفيين وعليهم أن يكتبوا مما يقوله في القنوات ولا يوجد صحفي حر يقبل بهذا الطريقة التي تريدها وأنصحك بالآتي ولك أن تعمل بها أو تتركها لأنها لله ورسوله وللمؤمنين: أولا : الصحافة هي المرأة التي من خلالها تنظر لترى الوجه الآخر الذي لا تراه من ممارستك السياسية وليس بالضرورة كل الصحافيين أصحاب أجندة وغرض (نصف رأيك عند أخيك)، اجعل الذي بينك وبينهم عامراً واسمع منهم ما يفيدك وتجاهل ما لا يفيدك ولا تحاربهم وستجد فيهم من لا هم له إلا مصلحة الولاية كما جئت أنت وترى أنك أحق بالإصلاح وخدمة العباد. اجلس مع أهل الصحافة وقل حديثك الذي تريد قوله وسجله واحتفظ به وتقبل النقد مهما كان قاسياً لأنه ينير عقلك في دهاليز السياسة الشائكة التي لا تريد الصدق إنما تريد الكلام المدغمس أو المنمق سمه ما شئت . ثانيا : ليتك أخي الوالي تستعين بمستشار إعلامي أو صحفي قبل أي تصريح تريد إطلاقه للإعلام. وأخيراً أخي الوالي لا خاب من استخار ولا ندم من استشار وشاور ناسك كما قال المولى عز وجل (وشاورهم في الأمر) (وأمرهم شورى بينهم) ولا تنسى إخوانك في الأحزاب كافة والقضارف لا تعدم الأخيار. وتذكر الأخ الوالي المرء مخبوء له تحت لسانه (والتور وكتين يقع بتكتر سكاكينو) ودي ما دايرنها ليك.