إن كان (الفلكلور) يحمل المشغولات الجلدية والمنحوتات على يديه وهو يرتدي الجلابية والطاقية (مجازاً), فإنه بلا شك قطع مسافة الزمن ينتعل (المركوب) حتى وصل الى العصر الحديث, وحظي بإقبال منقطع النظير عند المجتمع السوداني على المستويين الحضري والبدوي شأنه شأن المشغولات الجلدية التقليدية كالحقائب, الشباشب (رجالي نسائي) بالإضافة الى الفلكلوريات التي تستخدم في الزينة والتجميل. ولكن تظل (المراكيب) بأشكالها وأنواعها المختلفة الأكثر حظوظاً بين أقرانه نسبة لسمعته الجيدة وارتباطه بالمكونات التراثية السودانية. والمركوب حذاء سوداني (حصري) تقليدي يصنع من الجلد الخالص وبطريقة تقليدية معروفة يحبذها الشعب السوداني قبل ان ينتشر خارج حدود البلاد ويصل الى أنحاء متفرقة من العالم بما فيها الوطن العربي, أوربا, وشرق آسيا, ويعود اصل اسم هذا (النعال) الى (أبوإضينة) وهو اول لقب يناله المركوب قبل أن يمر بحقب متعددة ويثبت اسمه نهائيا, وازدهرت صناعته قبل سنوات عدة في غرب السودان ووسطه: منطقة الجزيرة، لهذا ارتبط بهذه المدن وشارك في اسمها مثل مركوب (جنينة) على مدينة الجنينة, ومركوب (أبا) على الجزيرة أبا, ومركوب (قرفة) على أم قرفة بمنطقة كردفان على الرغم من أنها لا تنتج هذه الأحذية, وهذه الأسماء تعد الأشهر في عالم المراكيب «الحذاء التقليدي والأكثر شهرة في السودان. أما بقية أسماء المراكيب فترتبط بالحيوانات والزواحف ومن أشهرها (مركوب نمر, مركوب كديس الخلاء, مركوب أصلة, مركوب دبيبة, مركوب ورل), ويعتبر مركوب (جنينة) من أقوى وأمتن المراكيب حيث يتم صناعته حصرياً في مدينة الجنينة والمناطق المتاخمة لها ويعتمد على جلود الأغنام (النوع الجيد) ويحتفظ بلونه الطبيعي (الأحمر الفاتح) ويصنع المركوب السوداني يدوياً من الأرضية، وهي أسفل الحذاء، وتصنع من جلد البقر، وتدبغ وتمسح بالقطران الى مرحلة صناعة الجزء العلوي التي يصنع من جلد التيس، وهو أغلى من جلد الماعز، ويتمتع بالقوة وتصنع منه أيضاً الجوانب الداخلية من الحذاء، وفي المرحلة الأخيرة يخيط يدوياً بخيوط القطن أو خيوط العصب (حديثا) وتستخدم في صناعته أدوات منها القالب, الكازم, القرمة, الابرة, مسامير نقلة, المبرد.. ويحتفظ المركوب (جنينة, قرفة, أبا) لون جلد الماعز بعد دباغته بالطريقة التقليدية وأحياناً جلود الأبقار ويفضله السودانيون لأنه قوي ومتين وأسعاره مناسبة بالاضافة الى أنه يتماشى مع الجلابية والبنطلون أي (بلدي وافرنجي). أما مركوب (الجزيرة أبا) فإن مكوناته نفس مكونات الجنينة وقرفة ولكنه يتميز بأن فردتي الحذاء تلبس بأي قدم يمين شمال.. ويصل سعر المركوب الواحد ما بين (17 الى 25) جنيها.. أما مراكب الحيوانات والزواحف فهي الأغلى لأن الغالبية يتم انتعالها من أجل الزينة والتباهي وينتعلها الأثرياء والطبقات المقتدرة منها مركوب النمر والفهد وكذلك الأصلة الذي قد يعيش لأكثر من عشرين عاماً ويأتي مركوب (الدبيبة والورل وكديس الخلاء) في المرتبة الثانية, وعلى الرغم من المركوب (جنينة) يقف أسفل قائمة الأسعار إلا أنه الأكثر طلباً وتنتعله كل الطبقات.