يستطيع أي متابع للقنوات الفضائية العربية ملاحظة أزدياد موجة المحطات الدينية، فبين كل فترة وأخرى، نستقبل ولادة محطة فضائية جديدة دينية على اختلاف مذهبها وتوجهها كما يصنفها خبراء الإعلام، وتعد قناة (اقرأ) الفضائية صاحبة الريادة والسبق في مجال القنوات الإسلامية وتجربة ناجحة يجب التوقف عندها كثيرا إذا ما أردنا إلقاء الضوء على واقع تلك القنوات التي تزايدت في الآونة الأخيرة لتقترب من ال80 قناة، فعلى هامش المؤتمر العالمي الثاني للإعلام الإسلامي الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية في الفترة من 18- 20 محرم 1433ه، الموافق 13- 15 ديسمبر 2011م في جاكرتا التقت صحيفة «الأحداث» بالاستاذ محمد سلام، مدير عام قنوات اقرأ الفضائية، والذي شارك في فعاليات المؤتمر، بورقة حمل عنوانها «قنوات ومواقع إسلامية ناجحة» حيث حملت إليه صحيفة «الأحداث» عدداً من الأسئلة وأجاب عنها بوضوح وشفافية، وفيما يلي نص الحوار: ما مدى تعاونكم مع القنوات الفضائية الإسلامية الأخرى التي نشأت بعد قناة اقرأ؟ هناك طبعا تعاون جيد ضمن حدود ونطاق المهنية، وهناك حدود في مجال التعاون بمعنى أن كثيراً من القنوات بيننا وبينهم مشاريع مشتركة، وكثيرا ما نتعاون معهم في البرامج وفي المعدات، ولكن مع بعضها الاخر لايوجد أي تعاون يذكر، وللأسف لاتوجد أي رابطة أو هيئة تضم العاملين في القنوات الإسلامية ولا حتى في القنوات الأخرى. ولماذا لم تبادر قناة اقرأ في إنشاء رابطة أو هيئة تضم العاملين في القنوات الإسلامية أوالعربية؟ في الحقيقة بادرت جهات أكبر منا ولكنها لم تنجح في هذا الموضوع، فمثلاً بادرت رابطة العالم الإسلامي، وبادرت الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وبادرت وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، وكل هذه المبادرات لم يتحقق لها النجاح المطلوب، وربما في الأمر خير إن شاء الله. هل تتابعون القنوات المنافسة؟ وهل استفدتم من تجارب الآخرين؟ أكيد أننا نحاول في قناة اقرأ الإطلاع على ما يقدم في القنوات الأخرى من وقت إلى آخر سواء في القنوات المنافسة او في القنوات الأخرى ولكن تعلم مدى الإنشغال الذي يكتنف عملنا، ومن المؤكد أننا نستفيد من تجارب الآخرين وحتى من أخطانا السابقة ومن لا يتعلم من أخطائه أو من الآخرين لن يتقدم ولن يتطور. ما رأيك في هذا المؤتمر العالمي الثاني للاعلام الإسلامي الذي عقد في جاكرتا؟ لاشك أن هذا المؤتمر من المؤتمرات الرائعة والممتازة التي تؤكد أهمية الإعلام ودور الإعلام في عصر الإعلام في هذا العصر الذي يعتبر الإعلام فيه ثاني قوة في أي دولة بعد القوات المسلحة (او الجيش)، ورابطة العالم الإسلامي كانت مبادرة في هذا الموضوع ورغم أن المؤتمر الأول قد عقد قبل 33 عاماً، ولكن وصلتنا أخبار مبشرة بأن الأحداث بالتعاون مع وزارات الشؤون الدينية في الدول الإسلامية ستعقد مثل هذا المؤتمر كل سنتين أو ثلاثة سنوات حسب الظروف، وهذا شيء جيد لأن الإعلام اصبح الآن هو رسول هذا العصر وهو مؤثر جدا في العالم وأتمنى استمراره واستمرار مثل هذه الفعاليات والمؤتمرات التي تهتم بالإعلام الإسلامي وأن تكون كثيرة، ولاشك أن المؤتمر قد حقق كثيراً من أهدافه بوجود علماء وخبراء في هذا المجال، وإن كانت لي ملاحظة بسيطة وهي أن المؤتمر كان به تنظير كثير وحديث أكاديمي كثير، واكتشفت أن بعض المحاضرين أو مقدمي الأوراق غير مطلعين على أبسط المبادئ والتجارب العملية وفقط شاهدوا عددا قليلا من القنوات وحكموا على القنوات بأنها لاتستخدم وسائل الاعلام الجديد في التواصل مع مشاهديها، وهذه ناحية مهمة جداً يجب أن تؤخذ في الاعتبار. فالقنوات الفضائية اليوم تستخدم وسائل الاعلام الجديدة بصورة مكثفة وبصورة جيدة بل وممتازة احياناً، وأتمنى أن تهتم المؤتمرات القادمة بالتطبيق أكثير من الأقوال أو الأحاديث الأكاديمية البحته. كيف يتم اختيار وإنتاج البرامج في قناة اقرأ؟ لدينا استراتيجية في اختيار الأفكار المتجددة بما يتواكب مع التطورات الإعلامية، إلى جانب اختيار الشخصيات الثقات في العالم الإسلامي، بما يضمن التنوع في البرامج لكافة التوجهات والأعمار والدول، أما إنتاج البرامج المتخصصة في التنمية البشرية والمشاريع للأمة مثل برنامج "ضع بصمتك، " أمة المطر“، " المخترعون " .. الخ، ويتم تقديم برامج لكل الشرائح والأعمار والتوجهات (ضمن الضوابط الإسلامية الوسطية السمحة المتعارف عليها). وتتنوع البرامج في قناة اقرأ بحيث تشمل البرامج الدينية والقرانية، البرامج الشبابية، البرامج الأسرية، البرامج الفكرية، برامج الفتاوى، البرامج الاخبارية، البرامج الوثائقية، البرامج الاقتصادية ، وأخيراً وليس آخراً برامج المسابقات. وتمتاز برامج قناة اقرأ على مدار العام بالاستقرار على الشيوخ والدعاة والعلماء الثقات الذين يتعاملون مع القناة بشكل دائم، بجانب الحرص على تطوير شكل الشاشة الدائم بما يتواكب مع تطورات الإعلام المتسارعة، فضلاً عن الحرص في تطوير البرامج لمواكبة المتغيرات الحاصلة في المجال الإعلامي، ويشمل ذلك التطوير الفني والتقني للديكورات والشارات والبرامج. أما برامج قناة اقرأ خلال المواسم الدينية مثل رمضان والحج، فهذه تعد لها برمجة خاصة تتواكب مع هذه المواسم الدينية المباركة، ففي شهر رمضان المبارك من كل عام تعد اقرأ لمشاهديها برامج متميزة ومتطورة ومتنوعة بما يتناسب مع قدسية الشهر الفضيل ويحقق المتعة والفائدة في آن واحد للمشاهد، وفي شهر رمضان تحشد القناة كل عام أفضل وأهم المشايخ والدعاة الذين لايجتمعون على شاشة واحدة إلا على شاشة اقرأ، أما في موسم الحج فقد بدأت القناة بتغطية الحج كبرامج مباشرة منذ عام 1420ه /1999م من استوديوهات القناة في جدة، وتطورت التغطية من 6 ساعات في عام 1423ه/2002م من مكةالمكرمة، لتصبح 24 ساعة ابتداءً من عام 1431ه /2010م من مكةالمكرمة، وستستمر التغطية في السنوات القادمة لمدة 24 ساعة بإذن الله تعالى . هل يتم تغطية الأحداث الآنية في العالم بنفس تغطية الشعائر الدينية؟ تهتم قناة اقرأ بالقضايا التي تمس المسلمين في العالم وتفرد لها تغطيات خاصة مثال ذلك: تغطية ومواكبة دائمة للأحداث الساخنة في فلسطين حسب المستجدات طوال عمر القناة، بجانب نقل صلاة التراويح من المسجد الأقصى على مدى خمس سنوات متتالية، فضلاً عن إنتاج برنامج واحد على الأقل سنوياً من داخل فلسطين طوال الثلاثة عشر عاماً الماضية من عمر القناة، الي جانب كل ذلك فإن قناة اقرأ تقوم سنوياً بتغطية عدد من المؤتمرات الدولية الإسلامية، إلى جانب تغطية بعض الأحداث المحلية والعالمية المهمة. حث بلاغ جاكرتا الصادر عن المؤتمر العالمي الثاني للاعلام الإسلامي دول العالم الإسلامي على الاستفادة الصحيحة من وسائل الإعلام الجديدة بالوجود الفعلي فيها، والتفاعل النشط مع مستخدميها، والإسهام في تصحيح الأفكار الخاطئة والمعلومات غير الدقيقة التي يتداولها البعض عبر هذه الوسائل، والتركيز على توعية الشباب بما يحقق أفضل استفادة من هذه الوسائل، بحسن استخدامها وتحصينهم من سلبياتها، إلى أي مدى استخدمت استفادت قناة اقرأ من وسائل الاعلام الجديدة؟ نحن نستخدم وسائل الاعلام الجديدة بصورة اكثر من ممتازة فصفحة قناة اقرأ في الانترنت عبارة عن منصة كبيرة ولدينا صفحات قوية جدا على الفيس بوك والتويتر واليوتيوب، وصفحة الفيس بوك لبرنامج واحد من برامج اقرأ مثل برنامج ضع بصمتك للشيخ محمد العريفي أو برنامج خدعوك فقالوا للداعية مصطفى حسني، عدد زوار هذين البرنامجين فقط أعلى من عدد زوار صفحة قناة الجزيرة على الفيس بوك أو قناة العربية، ولدينا اهتمام كبير بهذا الموضوع لأننا متأكدون أن وسائل الاعلام الجديدة، وصفحات التواصل الاجتماعي هي جزء مهم من اعلام العصر القادم وجزء مهم من لغة التعامل مع الشباب. ولقد تم تطوير الموقع الإلكتروني للقناة www.iqraa.com ليكون منصة (Platform) للتفاعل والتواصل والخدمات المختلفة يصل من خلالها المشاهد إلى مئات المواقع الالكترونية المتنوعة في العالم والتي تتناسب مع توجهات القناة وتفيد مشاهديها، بالإضافة لخدمة البث المباشر على الموقع لمشاهدي القناة، أما صفحات مواقع اقرأ للتواصل الاجتماعي، فهي على الفيس بوك ، وتويتر، ويوتيوب ماهي الخطط المستقبلية لقناة اقرأ؟ كانت اقرأ أولى القنوات التي تقدم بعض برامجها بلغات مختلفة أو مترجمة (كتابةً) إلى اللغة الإنجليزية أو الفرنسية لتناسب المسلمين أو غيرهم، المقيمين خارج العالم العربي، فكانت فائدة إضافية تميزت بها اقرأ وتفردت وخدمت بشكل غير مسبوق المهاجرين من العرب والمسلمين خارج أوطانهم، وتحرص قناة اقرأ على الاستمرار في تقديم الجودة في الإنتاج والمضمون والبناء على النجاحات السابقة، بجانب الاستمرار في تقديم سلسلة البرامج التي تحمل فكرة المشاريع والتفاعل والمشاركة مع المشاهدين مثل برنامج " خدعوك فقالوا“ وبرنامج " ضع بصمتك " ومسابقة "الطريق الى مكة "، فضلاً على تنفيذ برامج المشاريع المفيدة للمشاهد والمجتمع والمتميزة على الشاشة.. وبعد كل هذا النجاح والأثر الايجابي، كان لابد من البدأ في المشروع الكبير الذي أعلن عنه مؤسس اقرأ وصاحب فكرة إنشائها وإطلاقها الشيخ صالح كامل بإنشاء: شبكة قنوات اقرأ الدولية، وفكرتها الاساسية تتلخص في إطلاق قنوات موجهة لمناطق جغرافية متقاربة زمنياً بعدة لغات تنتشر في هذه المنطقة يختار المشاهد منها اللغة التي يريدها من خلال جهاز الريموت كونترول، ومنهج هذه القنوات هو نفس المنهج الوسطي الإسلامي الحياتي الذي تبثه (اقرأ الأم) تحت شعار (الدين والحياة) أو (الإعلام الهادف الممتع) بحيث تكون منبراً للجميع بمختلف توجهاتهم . مامدى حاجة المسلمين لقنوات اقرأ الدولية؟ الهدف من قنوات اقرأ الدولية هو تقديم برامج دينية ثقافية وترفيهية للمسلمين المنتشرين في أصقاع المعمورة التي يقدمها كبار العلماء والمشايخ والدعاة المميزين، ولقد أنطلقت باكورة القنوات الدولية بالإنجليزية ابتداءً من عام 2011 لتكتمل على مدار 3 – 5 سنوات بمشيئة الله بإطلاق بقية القنوات باللغات الأكثر انتشاراً عالمياً مستهدفة ثقافات ومناطق جغرافية وأعداد سكانية هائلة، فمن الإنجليزية إلى الفرنسية والأوردو والملايو واللغة الهوسا (السواحيلي) والصينية والروسية وذلك على فترات متتابعة، بإذن الله تعالى. إلى أي مدى تهتم قناة اقرأ بالبحوث والدراسات بشأن المشاهدة وقوة التأثير الذي تحدثه في المشاهد المسلم؟ تهتم قناة اقرأ باجراء الدراسات والبحوث التي تقيس مدي قوة مشاهدة القناة ومن ثم تصحيح المسار، إلى جانب ذلك تحرص قناة اقرأ على متابعة الدراسات والبحوث التي تجرى في الوطن العربي، وفي الغرب حول مشاهدة قناة اقرأ. ومن أبرز ما خرجت به تلك الدراسات أن قناة اقرأ كانت ضمن أعلى القنوات مشاهدة في شهر رمضان 2001 في السعودية واحتلت المرتبة السابعة حسب دراسة شركة (PARC)، كما كانت اقرأ ضمن أعلى القنوات مشاهدة في شهر رمضان 2001 في مصر واحتلت المرتبة 11 حسب دراسة نفس الشركة، كما اظهرت بعض الدراسات أن قناة اقرأ كانت ضمن أعلى عشر قنوات مشاهدة في شهر رمضان 2003 في السعودية واحتلت المرتبة الثانية، كما استمرت قناة اقرأ ضمن أعلى 10 قنوات مشاهدة في شهر رمضان 2004م – السعودية واحتلت المرتبة الخامسة حسب دراسة شركة (PARC)، فضلاً عن ذلك كانت قناة اقرأ ضمن أعلى 10 قنوات مشاهدة في شهر ( يوليو – أغسطس 2005م ) - السعودية حسب بعض الدراسات، كما أن استفتاء الأمانة العامة باتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري بالتعاون مع مراكز استطلاع الرأي بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار " التابع لمجلس الوزراء « والذي أجرته كل من جريدة الجمهورية 20 نوفمبر 2004م، وجريدة الأهرام 26 نوفمبر 2004م حول أفضل القنوات وأعلاها مشاهدة في مصر، فقد حصلت قناة اقرأ على المركز الأول كأفضل قناة فضائية مشاهدة في مصر، وبالمركز الثالث تلفزيونياً بعد القناة الأرضية المصرية الأولى والقناة الأرضية المصرية الثانية من حيث المشاهدة بنسبة 21,5% . من أين تحصل قناة اقرأ على مصادر التمويل لكل هذه الباقة الطيبة من القنوات الهادفة؟ من الأوقاف الخيرية أولاً، ومن الإعلانات التجارية والرعاية ثانياً. وماذا عن المراسلين هل لدى قناة اقرأ مراسلون حول العالم؟ لا تستطيع أي قناة في العالم أن يكون لديها مراسل في كل بقعة من بقاع الأرض، ولكن هناك قنوات كثيرة لديها مراسلون في 50 أو 60 دولة، قناة اقرأ ليست قناة اخبارية، فهي لاتحتاج إلى مراسلين دائمين، ولكنها تعوض ذلك بالتعامل مع المؤسسات، فمثلاً الآن في جاكرتا تغطي اقرأ هذا المؤتمر بالتعاقد مع مؤسسة هنا في جاكرتا، تصور لها بمواصفات معينة، وتأخذ هذه التغطية وتبثها، فهذا أقل تكلفة من تعيين مراسل دائم في جاكرتا مثلا، لأننا لابد أن لكي نضمن النجاح دائما وباستمرار أن نبحث في اقتصاديات الإنتاج. ففي المناطق التي توجد فيها احدث مثل هذه اتعاقد مع مؤسسة أو ارسل مراسل من المركز لتغطية حدث معين والعودة إلى مركز الإنتاج في جدة. في ختام هذه الحوار لايسعنا في صحيفة (الأحداث) إلا أن نتقدم بجزيل الشكر ووافره للأستاذ محمد سلام المدير العام لقنوات اقرأ الفضائية، الذي وضع النقاط على الحروف في كثير من الجوانب المتعلقة بالإعلام الإسلامي متحدثاً عن الهموم والرؤى المستقبلية لقنوات اقرأ الدولية.
