عادت الخلافات الداخلية لحزب الأمة القومي، بجنوب دارفور مرة أخرى إلى واجهة التداول الإعلامي بعد التنازع على مشروعية قيادة الحزب بين رئيسه زكريا إبراهيم أبو حبو من جهة والسكرتير الولائي للحزب محمد عبدالله عبدالسلام والامين العام السابق صديق إسماعيل من جهة أخرى. انتخب الرجلان الأولان في الثالث والعشرين من أبريل من العام 2009 أحدهما رئيساً وثانيهما سكرتيراً على خلفية أجواء التيارات المتجاذبة داخل الحزب حينها. ويوصف عبدالسلام لدى عدد كبير من كوادر الحزب الذين ينسبون إلى دائرة المناوئة لسلطان رئيس الحزب الصادق المهدي ومؤيده المطلق الأمين العام السابق صديق إسماعيل كمن يقوم بدور الوكيل السياسي نيابة عن صديق محمد إسماعيل وحليفه وقريبه ابن الولاية الآخر موسى مهدي. وهما رجلان ظلا يعملان لصالح المركز الحزبي الذي يمثله الصادق المهدي وأصهاره، في مقابل مناوءة كان يتزعمها إلى عهد قريب ابن جنوب دارفور الابرز آدم موسى مادبو، وآخرون من قادة الحزب قبل أن تذهب رياح خلافات المؤتمر السابع بقواه إلى الضعف المميت, بعد انسياق الحزب إلى انقسام غير معلن في جنوب دارفور إذ جمد غالبية الأعضاء الفاعلين والتاريخيين نشاطهم ومن بقي اعتبر تابعاً للأمانة العامة المختلف حول شرعيتها, وهو الخلاف الخفي الذي يفسر من وجهة غير شفافة شدة الصراع على قيادة دفة الحزب في ولاية يعتبر أبناؤها هم الأقوى نفوذاً على مركز الحزب وأكثرهم عدداً وعطاء من بين الولايات الاخرة، كما أن السبب ذاته هو الذي دفع صديق محمد إسماعيل إلى أن يجترح لصهره موسى مهدي مؤتمراً استثنائيا قبيل فقدانه منصبه في الأمانة العامة بثلاثة أيام فقط من موعد الهيئة المركزية التي انعقدت في يومي 6- 7 من ابريل الماضي وهو المؤتمر الذي رفض مبرراته ومخرجاته الأمين العام إبراهيم الأمين في خطاب رسمي عنونه إلى الرئيس أبوحبو يؤكد فيه عدم أحقية الأمين العام وفقاً لما ورد في لائحة تسكين الهيكل التنظيمي للامانة العامة البند (4) المفسر لاختصاصاته إصدار قرارت بتشكيل لجان مؤتمرات استثنائية للحزب كما فعل صديق مع جنوب دارفور. وجاء في الخطاب الذي تلقت (الأحداث) نسخة منه ( ليس من حق الأمين العام حق تشكيل لجان تحضيرية لمؤتمرات استثنائية دون الرجوع لمؤسسات الحزب). وسبب انعقاد المؤتمر الاستثنائي عدة أشياء من بينها قيام ولاية شرق دارفور منفصلة عن جنوب دارفور وتجميد رئيس الحزب وسكرتيره بمحلية نيالا، إضافة إلى فشل كافة المحاولات لمواصلة نشاط أعضاء الحزب الذين أعلنوا تجميد أنشطتهم السياسية والتنظيمية في أعقاب احتجاجهم على نتائج المؤتمر السابع بحسب حجة أنصار صديق إسماعيل. بينما أثير أكثر من مرة تدخل من أسماهم صديق إسماعيل المشرفين السياسيين على الولايات في إذكاء نار الخلافات بأروقة الحزب. وأجهض خطاب إبراهيم الامين تقرير المشرف على دارفور إسماعيل كتر حول مشاورات أجراها لغرض المؤتمرات الاستثنائية قال إنه قام بها في تقريره لم يشر إلى الجهات التي أجري معها، إضافة إلى أن الامين العام السابق صادق على قيام مقترح اللجنة التحضيرية دون الرجوع لمؤسسات الحزب كالمكتب السياسي والرئيس علاوة على اعتراف الهيئة المركزية في اجتماعها الاخير برئاسة زكريا أبوحبو. بيد أن أنصار صديق اسماعيل في جنوب دارفور أعلنوا رفضاً بائناً لقرارات الامين العام وأعلنوا في مؤتمر صحفي بزعامة عبدالسلام الذي جاء به المؤتمر الاستثنائي من سكرتارية الحزب إلى نيابة رئاسته، مقاطعة الأمانة العامة الجديدة احتجاجاً على إلغاء مخرجات مؤتمرهم العام وزادوا عليه بالتصعيد ضد رئيسة المكتب السياسي سارة نقدالله باتهامها برفض عرض مسألة مستعجلة إلى المكتب السياسي فيما يخص قرارت الامين العام والاشارة بطرف خفي إلى تواطؤ بين الجهتين. في المقابل نفى زكريا أبوحبو الحجة القائلة بتجميده نشاطه السياسي وقدم براهين وأدلة عن مواعيد لقاءات جمعته مع السكرتير نفسه ورئيس المكتب السياسي الولائي، مشككاً في قدرة السكرتير عبدالسلام على الوصول لرؤساء الحزب بالمحليات دون المرور عبره. غير أن أبو حبو سخر في لقاء مع (الأحداث) من تسمية الجدل الدائر بين مسمى مؤتمر تأسيسي واستثنائي بقوله ل (الأحداث) إن ما تم هو مؤتمر تأسيسي بإجراء وتسمية استثنائي. والفرق بين الاثنين أن الأول يتم بعد انتهاء الدورة المقررة للاجهزة في الدستور؛ وهي دورة عادية يتم فيها إعلان حل الاجهزة بعد تصعيد مؤتمرين جدد. بينما الثاني يدعى له نفس المؤتمرين دون زيادة من غيرهم بدعوة من الرئيس أو ثلثي أعضاء المؤتمر وهذا لم يحصل على قول ابوحبو. غير أن ذات الموقف الذي يعانيه ويناهضه اليوم مناصرو صديق إسماعيل برفضهم التعامل مع الامانة العامة إثر تبدل حال زعيمهم كان بالامس يعانيه خصومه ممن أعلنوا رفضا بائنا الاعتراف بنتائج المؤتمر السابع التي أتت بصديق إلى الامانة العامة أمام منافسة خصميه محمد عبدالله الدومة وإبراهيم الامين مما قاد حينها في العام 2009 إلى تجميد أعضاء مؤثرين في الحزب نشاطهم وكان هؤلاء مركز نشاطهم المعادي لصديق هذا هي نيالا نفسها التي ينطلق منها أنصار صديق لمواجهة الامانة العامة, وآخرون أسسوا ما أطلق عليه التيار العام لمارسة الانشطة السياسية بعيداً عن قيادة صديق مما جعل الوضع أقرب أن يلطلق عليه (إظهار الولاء والعمل داخل أروقة الحزب رهين بالتغيير الناشئ على موقع الحليف ليتغير الحال التنظيمي).