الاستجداء الذي أطلقته رئيسة دولة ملاوي جويس باندا من قبل محاولتها إنقاذ اقتصاد بلادها بإطلاق اعتذار رقيق احتوى رفضاً ناعماً لمشاركة الرئيس عمر البشير في القمة المزمع عقدها القمة في الفترة من 9 و16 من يوليو المقبل لم يجد استجابة لا من قبل السودان ولا الاتحاد الافريقي، وأرسلت باندا الشهر الماضي رسالة الى الرئيس عمر البشير عبر الاتحاد الإفريقي طالبته فيها وهي تستعطفه "بأنه ينبغي عليه مسامحة بلادها هذه المرة باعتبار انها تكافح لإصلاح الاقتصاد"، انتظرت ردة فعل الحكومة هل ستستجيب "لدموع الاستعطاف "ويرأف السودان على هذه الدولة" المسكينة" التي تستجدي عدم قطع زرقها خاصة بعد أن قدمت الأدلة بأنها تأثرت بفقدان حوالي (40%) من ميزانية التنمية إبان مشاركة الرئيس البشير في القمة السابقة بملاوي. ولكن السودان سارع نهاية الأسبوع الماضي وطلب رسمياً من مفوضية الاتحاد الأفريقي نقل القمة الأفريقية من ملاوي إلى مقر الاتحاد في إثيوبيا، وذلك بعد أن أعلنت رئيسة ملاوي أن بلادها لا ترحب بمشاركة الرئيس البشير في القمة. وقالت وزارة الخارجية السودانية إن القمة "هامة للغاية" وأن حضور الرئيس البشير يعتبر ضروريا، لأنها ستناقش الوضع المتأزم بين السودان ودولة جنوب السودان التي انفصلت عن الجسد السوداني في يوليو من العام الماضي، مضيفة انه ينبغي على الاتحاد الافريقي نقل مكان القمة الى أديس أبابا. وتمسك الاتحاد الإفريقي بمشاركة رئيس عمر البشير في القمة الإفريقية، ووجه خطاباً شديد اللهجة لدولة ملاوي لرفضها مشاركة البشير، ونبهها إلى أنها لا تملك الحق في تحديد من يحضر القمة، مما جعل وزارة الخارجية تحس بنشوة الانتصار، بادرت بترحيب قرار الاتحاد الافريقي الذي أحالت القمة من ملاوي، كما إنها اعتبرت أن هذه الخطوة نجاحاً للاتحاد الإفريقي قبل أن تكون نجاحاً للدبلوماسية السودانية، وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية العبيد مروح في تصريح صحفي إن القارة الإفريقية ظلت ترفض التدخلات الخارجية في الشأن الإفريقي الأمر الذي يعزز ما اتخذته القارة مسبقاً في هذا الصدد، واعتبر المروح أن القارة كان موقفها واضحاً وثابتاً ولم يتغير والاتحاد الإفريقي جدد موقفه الرافض لقرارات المحكمة الجنائية الدولية في أي قمة عقدها بعد صدور القرار. ولكن يبدو أن الخارجية السودانية تسرعت في إعلان انتصار دبلوماسيتها، لأن الواضح أن ملاوي اعتذرت بشأن استضافتها للقمة ليس بسبب طلب السودان ولكن كما أعلنت بأنها دولة فقيرة وليس لديها ميزانية لعقد هذه القمة باعتبار أنها تأخذ معونتها من أمريكا. كان هذا رأي الخبير الإستراتيجي الرشيد أبو شامة، وقال ل"الأحداث" أمس: "علينا أن نبحث عن الحقيقة أولاً ثم نصرح بالانتصارات، وأردف قائلاً: "أعتقد أن حديث الخارجية عن انتصار الدبلوماسية بإحالة القمة فية نوع من المبالغة"، إلا أنه عاد، وقال اذا كان اعتذار ملاوي فعلاً بسبب ضعف ميزانيتها لماذا لم تعلن عن ذلك من قبل، وزاد: "أعتقد أن ملاوي تلقت نصيحة من جهة ما أو من دولة إفريقية ذات تأثير بالتخلي عن عقد القمة والحقيقة مازالت غير واضحة". لم يكن أمام ملاوي خيار سوء أن تعدل من موقفها سواء بسبب طلب الحكومة أو لضغوط إفريقية أو بسبب ضعف ميزانيتها وخشيتها من أن الرئيس عمر البشير يمكن أن يقطع تدفقات المانحين عليها، فأعلنت في اليوم الثاني بأنها عدلت عن استضافة القمة الأفريقية المقبلة بعد رفضها مطالب الاتحاد الأفريقي بمشاركة الرئيس السوداني عمر البشير الذي يواجه مذكرة اعتقال دولية. وقال خومبو كاشالي نائب رئيسة ملاوي إن بلاده قررت في اجتماع لمجلس الوزراء الجمعة رفضها لشروط الاتحاد الأفريقي، ولهذا فإنها لن تستضيف القمة المقررة بين 9 و16 يوليو، موضحاً أنه تم إبلاغ الاتحاد الأفريقي بالأمر، وقال كاشالي إن بلاده تلقت رسالة من مفوضية الاتحاد الأفريقي تطلب فيها دعوة قادة الدول الأفريقية كافة - بمن فيهم البشير - لحضور القمة، وأضاف أن المفوضية أبلغتهم أنه في حال لم ترغب ملاوي في دعوة البشير فإن القمة يجب أن تنقل إلى بلد آخر، مشيراً إلى احتمال عقد القمة في إثيوبيا. السودان لم يستجب لاستجداء ملاوي، وقال إن الموقف الذي تتخذه ملاوي حالياً ينتهك قواعد عمل الاتحاد الافريقي التي تنص على ضرورة أن توفر الدول المضيفة للقمة "الهياكل والأجواء الملائمة لانعقادها". إلا أن وزير الإعلام المالاوي موزيز كومكويو قال لبي بي سي إن "لوائح الاتحاد الافريقي تمنح الدول الأعضاء حق الإعلان عن شكواها". وأردف: "نحن إنما نعلن عن موقفنا، وليس في هذا مخالفة للوائح الاتحاد الافريقي". وينص ميثاق محكمة جرائم الحرب الدولية على أن الدول الموقعة عليه - وملاوي واحدة منها - يقع عليها واجب اعتقال المطلوبين. إلا أن رئيس الاتحاد الأفريقي - رئيس بنين - توماس بوني يايي قال بأنه لا يرى سبباً لاستبعاد البشير، مشيراً إلى أن قمة الاتحاد التي عقدت في العاصمة الأوغندية كمبالا عام 2010م كانت قد أصدرت قراراً بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية فيما يتصل بمذكرة اعتقال البشير، وأضاف: "ومن هنا، فإن القمة التي ستعقد في ملاوي لا تمثل استثناء من هذا القرار، ولا يحق لأي دولة عضو اتخاذ قرار فردي بشأن من يحضر أو لا يحضر". وكانت الرئيسة الجديدة لملاوي جويس باندا صرحت بداية الشهر الجاري أن بلادها لا ترغب في مشاركة البشير، واعتبرت أن مشاركة البشير في القمة التي عقدت بعاصمة البلاد ليلونغوي في أكتوبر 2011م تسببت في حرمان البلاد من 350 مليون دولار كانت وعدت بها وكالة أميركية، وخشت من أن زيارة الرئيس عمر البشير الى قمة ليلونغوي (عاصمة مالاوي) أن تحدث "آثاراً اقتصادية سيئة محتملة" على بلادها جراء وجوده في مالاوي.