الاستثمار، هي كلمة السر التي اختارتها حكومة ولاية نهر النيل لتجاوز حالة الفقر المقيم رغم ثراء ظاهر وباطن أراضيها بالثروات المائية والمعدنية، فضلاً عن المعالم السياحية لتتجه بتركيز وعبر خطط ودراسات وافية للاستفادة من تلك الموارد باجتذاب المستثمرين الوطنيين والأجانب بإغراءات ذكية وقفت عليها «الأهرام اليوم» من خلال الزيارة التي نظمتها أمانة العاملين بالخارج للقيادات من عضويتها للولاية التي طافت عدة مواقع استثمارية بمدن الولاية وتعرفت على الإمكانيات المتاحة، حيث شملت الزيارة تفقد مزرعة بشائر الأردنية ومصنع أسمنت السلام والميناء البري عطبرة وآثار البجراوية لرغبة الولاية في اجتذاب الاستثمار وإنجاحه والتي أكد عليها والي الولاية الفريق الهادي عبد الله خلال مخاطبته لقيادات العاملين بالخارج: «إننا نريد استثماراً وفق شراكة وبدون قيود وبدون وسيط بما يتوافق مع المواصفات المطلوبة». وزير الاستثمار والسياحة أعلن عن وجود (9) ملايين فدان صالحة للزراعة وأن المياه الجوفية متوفرة في 50% من جملة أراضي الولاية، وتناول خطط الوزارة في الاستثمار الصناعي وأعلن أن أكثر من (3) مليارات دولار هي حجم الاستثمار في هذا القطاع الذي يتركز على إنتاج الأسمنت من (4) مصانع تنتج ما يقارب من (2.400) مليون طن وتهدف الخطة الى الوصول بالإنتاج الى (10) ملايين طن خلال عقد من الزمان. وأوضح الوزير أن الخطة تتضمن تصدير الأسمنت لخارج البلاد من الولاية. التعدين أحد أهم الموارد التي تعول عليها الولاية وأشار الوزير في هذا الصدد الى أن التنقيب الأهلي عن الذهب حقق عائداً خلال الأشهر القليلة الماضية يتجاوز (450) ألف دولار الى جانب التعدين الذي تمارسه الشركات المعتمدة من الصين ومصر وغيرها من الدول، هذا الى جانب الاستثمار السياحي الذي تشمل خططه السياحة المتكاملة التي تغطي أنشطة السياحة البرية والنيلية والصيد وفق الإجراءات المنظمة لسلامة البيئة. تتدرج دراسات العمل الاستثماري بالولاية من الصناعات التحويلية الى الصناعات الخفيفة والخدمات وتدخل في هذا الإطار صيانة السيارات والمطاعم والكافتيريات مع الأخذ في الاعتبار تطوير مواعين النقد خاصة السكة حديد وربطها بكل ولايات البلاد، فضلاً عن الامتيازات الجمركية ضمن منظومة دول الكوميسا، والاتفاقيات الجمركية مع الدول العربية التي تؤمن إعفاءً كاملاً، مع البنية الجيدة في مجال الكهرباء والطرق. دراسات أخرى متعلقة بتطوير المناطق الأثرية ومشروعات ستطرح للاستثمار في البجراوية والسبلوقة. مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية بمختلف محليات الولاية أكد مسؤول الاستثمار بالولاية عن أنها تتجاوز مليونيْ فدان جاهزة للتسليم للمستثمرين خالية من الموانع في المتمة وشمال نهر عطبرة ومحلية أبوحمد وشندي، تصلح لكل المحاصيل بجانب نجاح الصناعات الخفيفة التي تستفيد من الإنتاج الزراعي في الموالح والبصل وبنجر السكر، وقد أعدت الوزارة عدتها لطرح مشروعاتها للاستثمار. مزرعة بشائر الأردنية إحدى شواهد نجاح الاستثمار العربي بالولاية حيث تستثمر المساحة في الإنتاج الزراعي والحيواني، فهناك تربية للمواشي الى جانب زراعة الأعلاف وللمزرعة نظام ري مستقل وحديث عن طريق الرش الذي يوزع المياه بتوازن وحسب الحاجة لسهولة التحكم في عملية الري الذي يجري بواسطة قناة ترفد من النيل. ويصدّر إنتاج المزرعة الى الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى ويستهلك جزءاً من الأعلاف المنتجة بواسطة السوق المحلي، والمزرعة التي تتبع للقوات المسلحة الأردنية ويساهم فيها المتقاعدون من تلك القوات ويباشرون إدارتها تستوعب عمالاً من السودان ومصر وتستعد لتوسيع استثماراتها في هذا الجانب. الميناء البري عطبرة أحد أهم المعالم المعمارية ذات التصميم الحديث بالولاية ويقول معتمد عطبرة حسن سليمان إن الميناء يعد إنجازاً من حيث مواكبته للمواصفات واتساعه ونوعية الخدمات المقدمة للمسافرين والشركات العاملة في الترحيل. ويشتمل الميناء البري، الذي تجري الترتيبات لإنهاء العمل فيه وافتتاحه في أغسطس المقبل، على نظم للدخول والخروج ومركز علاجي وأسواق ومواقف للبصات وسيارات الأجرة. المهندس محمد حسن من الشركة المنفذة للميناء أضاف أن الميناء يتسع ل(28) بصاً بمساحة 225*30 متراً ويتكون من (36) مجمعاً فيها مسجد ومركز تجاري وفندق، بتكفية كلية (184) مليون دولار، ويشير الى أن الهدف من إنشاء الميناء هو توفير مورد مالي للولاية ومعالجة الزحام. صناعة الأسمنت يقول عنها المهندس المسؤول بمصنع أسمنت السلام، عبد الفتاح الصافي، إن الطبيعة اختارت الولاية لتكون مخزوناً لهذه الصناعة، ويشير الى أن المصنع الذي أسسته مجموعة الراجحي يستفيد من الخام المتوفر الذي يبعد كيلومترين من مقر المصنع. ونبه الى أن الغرض هو سد حاجة البلاد من السلعة، وقال إن المصنع مصمم لإنتاج 1.75 (واحد وثلاثة أرباع) مليون طن، وأشار الى أن الانبعاثات الكيميائية من المصنع تعادل (30) جزءاً من المليون وهي مواصفة متجاوزة في جودتها للمواصفات الأوروبية، مؤكداً على تعويل المصنع على الاستفادة من الخبرات الوطنية في هذا الصناعة.