في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، كان الزعيم الكوبي فيدل كاسترو في قائمة الحكّام المحبوبين الكاريزميين على مستوى العالم.. وكانت كوبا بلداً يتداول الناس أخباره باستمرار رغم أنها دولة صغيرة. وكاسترو شيوعي ولكن كثيرا من غير الشيوعيين خارج كوبا كانوا يحترمونه ويقدرونه ويحبونه وكان من الأسباب شخصية كاسترو الجذّابة الآسرة، وتحدياته المستمرة للولايات المتحدةالأمريكية. ولأن كوبا تقع في النصف الغربي من الكرة الأرضية ولأنها الدولة الشيوعية الوحيدة في هذا النصف ولقربها الجغرافي الشديد من الولاياتالمتحدة، فإن ذلك كله كان يشكِّل استفزازاً يومياً للأمريكيين الذين حاولوا بمختلف السبُل تغيير النظام الكوبي لكنهم فشلوا، وكان من أسباب الفشل الدعم السوفيتي المتواصل لكوبا.. وصلابة كاسترو والتفاف كثير من مواطنيه حوله. ولما سقط الاتحاد السوفيتي وانهار المعسكر الشيوعي الأوروبي مطلع تسعينيات القرن الماضي، توقّع كثيرون أن يسقط النظام الشيوعي الكوبي لكنه استمر ثم لما تنازل كاستروا من أعوام عن الحكم لشقيقه راؤول ازدادت التوقعات بسقوط الشيوعية الكوبية أو تحوُّلها إلى النقيض مثلما حدث في بعض النُّظم التي كانت خلال الحرب الباردة ثورية إشتراكية تقدمية مناهضة للإمبريالية الأمريكية. لكن كوبا ورغم اختفاء حليفها القوي وزعيمها الكبير فيدل كاسترو استمرت ولاتزال دولة شيوعية. (والخبر) هو أن الرئيس كاسترو بعد تنحيه وبعد عزلته التي سببها المرض ذهب بزيه العسكري صباح السبت الماضي إلى الجمعية الوطنية في العاصمة هافانا.. استقبله الأعضاء بالتصفيق وقوفاً وألقى خطاباً لكن الخطاب كان مختلفاً عن خطب (زمان) ففي الماضي أيام الحيوية والصحة كان الرئيس كاسترو يخطب بالساعات أما هذه المرة فقد استغرق خطابه اثنتي عشرة دقيقة وهذه المرة أيضاً دخل كاسترو المجلس بمعاونة آخرين. وقال كاستروا في خطابه القصير :(إن الأمبراطورية الأمريكية على وشك أن تشن حرباً نووية عالمية خلال مواجهتها لإيران وكوريا الشمالية). وكان كاسترو قد أُجريت له عملية جراحية في الأمعاء عام 2006م تنازل بعدها عن الحكم لشقيقه الأصغر راؤول. وكان من رواد توريث الحكم في النُّظم الجمهورية، الزعيم الشيوعي كيم إيل سونج رئيس كوريا الشمالية ثم دخل التوريث العالم العربي من البوابة السورية ويُقال إن صدام حسين كان يعد أحد أبنائه ليخلفه في حكم العراق.. وفي الجمهورية المصرية تتحدث المعارضة كثيراً عن التوريث ورفضها له... الخ لقد فرض كاسترو شقيقه راؤول رئيساً على كوبا وأصبح من حق أي أحد أن يشك في صدقية إشتراكية كاسترو.. والتوريث إجراء غير ديمقراطي وكاسترو أصلاً لا يمت للديمقراطية بصلة ولا يعترف بها فهو ديكتاتور جملةً وتفصيلاً.