في سنة 1959م وفي عز الحرب الباردة وصل الشيوعيون الكوبيون بقيادة فيدل كاسترو إلى السلطة ولم يصلوا إليها بالانتخابات وإنما بالقوة، ولم يكن الوصول إلى الحكم بالقوة أمراً غريباً ولا مستهجناً. وأصبح كاسترو وزميله جيفارا نجمين لامعين يتابع الناس أخبارهما معجبين، وكان لهما حضور في كثير من النقاشات السياسية الدائرة على مستوى الكرة الأرضية خاصة في العالم الثالث، ثم قُتل جيفارا خارج كوبا وظل كاسترو يحكمها. وكانت فترة حكمه هي الأطول، أطول حتى من فترة حكم العقيد القذافي.. ثم أجبر المرض كاسترو على التخلي عن الحكم، وإذا كانت بعض الجمهوريات العربية ابتدعت فكرة توريث الحكم ليصبح الأبناء هم الرؤساء بعد آبائهم، فقد كان للتوريث في كوبا شكل آخر مختلف قليلاً عن شكله العربي، فالذي خلف كاسترو هو شقيقه راؤول. ورغم أنه كان لهذا الأخير كسبه الخاص في الثورة والدولة الكوبية إلا أن أحد أهم الأسباب التي جعلت راؤول يخلف كاسترو هو أنه شقيقه. وجاء في مجلة «تايم» الأمريكية عدد 20 أبريل الجاري أن العالم كان يتوقع عندما خلف راؤول شقيقه كاسترو رئيساً لكوبا أن جيلاً جديداً سوف يتولى القيادة إلى جانبه وكان عمره 76 سنة في ذلك الوقت ولكن عندما أُجريت الانتخابات وهي انتخابات شكلية فقد كان متوسط أعمار نواب الرئيس وعددهم ستة سبعين عاماً! وتضيف المجلة أن هذا الأسبوع شهد تنصيب راؤول زعيماً للحزب الشيوعي.. وهو الحزب الوحيد في كوبا وهو قوي تماماً شأنه في ذلك شأن الحكومة. ومرة ثانية توقّع العالم أن يُجدد الحزب شبابه بعدما خابت آمالهم من قبل في أن تجدد الحكومة شبابها، ومرة ثانية خيَّب راؤول التوقُّعات، فنائبه في زعامة الحزب هو نائبه في رئاسة الحكومة ماكادو ذو الثمانين عاماً. وأصبح الرجل الثالث في الحزب هو راميرو فالديس وعمره 78 عاماً. والاثنان ماكادو وفالديس من الحرس القديم وترجع علاقتهما بالرئيس راؤول وشقيقه الرئيس السابق كاسترو إلى أيام الثورة في خمسينيات القرن الماضي. وبعد.. إنه سلوك سخيف غير مسؤول أن يورِّث الرئيس الحكم لابنه أو شقيقه حتى إذا ما كان لهذا الشقيق كسبه المعتبر. وقد رأينا هذا السلوك في بعض الجمهوريات العربية ويقولون إنه كان أحد أسباب الإطاحة بالرئيس المصري مبارك، وكنا نشكو من إصرار الحُكّام ورؤساء الأحزاب في مقاعدهم طوال العمر ولكن يظهر أنه ليس الحُكّام العرب وحدهم، وإنما معهم الشيوعيون الكوبيون الذين يسيطر على مقاليدهم في الحكومة والحزب معاً نفس القادة منذ سنة 1959م.. ويا للهول!!