يرى البعض أن التوقيت لم يكن مناسباً لظهور رئيس من طراز الفنزويلي تشافيز، اشتراكي يذكرك بالاشتراكية وأيامها وبالاشتراكيين على اختلاف مدارسهم، فقد سقطت الفكرة أو تراجعت وانحسرت إلى ما دون الحد الأدنى أول تسعينيات القرن الماضي بانهيار الاتحاد السوفيتي والنظام الاشتراكي في أوروبا الشرقية. ولذلك فإن الاشتراكيين لم يعودوا من شواغل خصمهم العالمي اللدود الذي هو الولاياتالمتحدةالأمريكية زعيمة الإمبريالية التي هي أعلى مراحل الرأسمالية كما كانوا يقولون، وأصبح يشغلها أكثر وأكثر الإسلام السياسي «والإرهاب».. الخ. ورغم ذلك فإن الرئيس تشافيز عندما وصل إلى الحكم منذ سنوات، ثم وهو في الحكم، حقق حضوراً محسوساً في العالم كله.. فالمناداة بالاشتراكية، رغم ما قد يعتبره البعض سوء توقيت، مازالت تلفت النظر. وللرئيس تشافيز قدر من الجاذبية لا ينكر، ثم إن كثيراً من الشعوب يرضيها ويعجبها التصدي للولايات المتحدةالأمريكية حتى لو كان هذا التصدي لفظياً، هذا فضلاً عن فنزويلا بلد بترولي غني، وما الذي يُثير الاهتمام إن لم ثيره الغِنَى؟ فلو كان تشافيز رئيساً لهوندوراس لما حفل به أحد. والرئيس الاشتراكي مريض بالسرطان، وقد أُجريت له عملية جراحية لإزالة الورم الخبيث، وعاد إلى بلاده من يومين قادماً من كوبا الاشتراكية حيث صديقه وربما أستاذه الرئيس الكوبي السابق المريض المخضرم فيدل كاسترو. وتقول مجلة (ذي إيكونومست) البريطانية: «لم يتضح بعد ما إذا كان تشافيز يستطيع القيام بواجباته الرئاسية ولا ما إذا كان قادراً على خوض انتخابات العام المقبل». لكن كاسترو يتوقع الشفاء العاجل للرئيس تشافيز فقد كتب يقول: «الآن فإن أعداء تشافيز في الداخل والخارج سوف يصبحون تحت رحمة كلماته ومبادراته، وما من شك في أنهم سوف يفاجأون». نفس اللغة الملتهبة القديمة التي كان كاسترو أحد أشهر من أسرفوا في استخدامها منذ وصوله حاكماً إلى هافانا عام 1959م ثم طوال العقود التي حكم خلالها كوبا إلى أن أجبره المرض على التنازل عن الحكم قبل أعوام قليلة لشقيقه راؤول. إن الاشتراكيين ومنهم كاسترو وتشافيز مازالوا يتحدثون بنفس اللغة التي كان يتحدث بها الاشتراكيون أيام الحرب الباردة، إنه الجمهور العقائدي والتكلس اللفظي. وتواجه الحكومة الفنزويلية الكثير من المشاكل والصعاب وتقول المجلة «إن بعضها من صنع تشافيز، فقد انتشرت الجريمة أكثر وأكثر، وهناك فوضى واضطرابات في السجون، والبنيات التحتية تحتاج إلى إعادة تأهيل، وهناك تصاعد في موجة الإضرابات خاصة وسط عمال القطاع العام، وارتفعت كثيراً نسبة التضخم». والرئيس تشافيز هو الرئيس السادس والخمسون لفنزويلا التي استقلت قبل قرنين وقد وصل إلى الحكم عام 1999م وكان ضابطاً بالجيش ثم احترف السياسة.