بعد الصوم وتسخير بعض الوقت للروحانيات وللشعائر المرتبطة بشهر رمضان، إعتاد الناس في العالم الإسلامي على إمضاء ما تبقى من وقت في الترفيه، ومن أشكاله الحالية مشاهدة الفضائيات والخروج إلى الحدائق والميادين العامة وممارسة الرياضة مشياً كانت أو جرياً أو كرة قدم...الخ. وهناك فئة تجد في رمضان سانحة للوقفة الناقدة الطويلة مع النفس. ما الذي فعلناه وما الذي فشلنا في إنجازه، من هم الذين أخطأنا في حقهم ومن هم الذين أخطأوا في حقنا، كيف يكون المستقبل، مستقبلنا نحن الكهول ونحن العواجيز ومستقبل أولادنا وبناتنا الذين هم في مقتبل حياتهم العملية وأولئك الذين يدرسون في الجامعة وفي الثانوي بل وفي مرحلة الأساس؟!. إننا ندعّي أن حياتنا كانت أسهل وذلك صحيح في بعض الجوانب وليس صحيحاً بالمرة في جوانب أخرى. ففي ناحتي الاتصالات والمواصلات مثلاً، فإن الفرق بين حياتنا نحن وأبنائنا وبناتنا الآن وحياتنا قبل أربعة عقود شاسع للغاية، فالتلفون كان في ذلك الوقت سلعة يقتنيها المترفون وكانوا أقلية. والسفر من مكان إلى آخر كان يستغرق زمناً أطول مما يستغرقه السفر الآن. ولقد كانت القطارات موجودة من حلفا حتى واو وكانت تصل شرقاً إلى بورتسودان لكنها كانت بطيئة للغاية. وكانت كل الشوارع بين المدن ترابية وكان شارع الخرطوم مدني هو الاستثناء ولذلك كان السفر بالبصات واللواري يستهلك زمناً طويلاً. وفي مجالات كثيرة كانت الحياة في الماضي أصعب. إن إعداد الطعام والشاي وهو واجب يتكرر في اليوم أكثر من مرة كان عملية مرهقة فالبوتوجاز لم يكن موجوداً، وكان (المنقد) أو الكانون هو الوسيلة الوحيدة. وكان أحد الأصدقاء يقول لي: المرأة السودانية هي أعظم امرأة في العالم، ويعدّد الأسباب ومنها أنها (تعوس) وهو يعني جيل الأمهات وبالفعل فإن عواسة الكسرة حيث الصاج والحطب والحر إياها مهمة شاقة ولذلك يقول الصديق فإن إكباري لستات الكسرة ليس له حدود. وثمّة فئة تجد في رمضان خاصة في لياليه جواً ملائماً للقراءة والكتابة. والليل في رمضان جميل والحقيقة أنه في السودان جميل كل الوقت، لكنه في رمضان يكتسب نكهة تميزه عن بقية الشهور. وقال صاحبي: ألست تلاحظ أن السودانيين الذين يشربون الخمر كانوا حتى أيام كان البلد علمانياً والبارات مرخصّة يكفون عن شرب الخمر خلال شهر رمضان؟!. وما أكثر ما يمكن أن يُكتب عن أجواء رمضان وطقوسه وعن عاداتنا خلاله!!.