ضحكت حتى كدت أن استلقي على قفاي وانا أقرا أن شاعراً اسمه أيمن بشير يطالب (مونيكا) بتعويض خمسون مليون جنيه لأنها نسبت إحدى أغنياته إلى نفسها. وحتى لا تنداحوا في التفاؤل فالأغنية ام خمسين مليوناً ليست هي (الود) ولا (عشرة الايام) ولا واحدة من أغنيات الشاب طه سليمان خفيفة الدم أو أنها لفرفور أو عصام محمد نور، فالأغنية بكل أسف هي (سبتك بي مزاجي) وهي واحدة في رأيي من أكثر الأغنيات التي استمعت لها في الآونة الأخيرة إنحداراً بالذوق العام والمشاعر الانسانية وهي تتناول العلاقة الإنسانية الجميلة التي تربط المحبين بصفات اللامسؤولية واللا تقدير لنبل المشاعر الراقية التي تناولها معظم الشعراء بنبل إنساني كبير وسمو في المفردة واللفظ والمعنى!! وإن كنت من قبل قد دخلت في جدالية الغناء الهابط أو الغناء الهايف ووجدنا للشباب عذراً في استعمال بعض المفردات الدارجة والتي يتناولونها في حياتهم اليومية لكن على شرط ألا تخدش الحياء أو تكون بحروف مغموسة في سم الإيماءت الخارجة أو المعاني المبتذلة لكننا مضطرون أن نتوقف عند شاكلة (سبتك بي مزاجي) وما تحمله هذه الكلمات الثلاث من هيافة الطرح والشكل والموضوع. والمحيرني أكثر أن المغنية التي قدمت فيديو كليب للأغنية لا تتوفر له ادنى مقومات أي فيديو كليب ضعيف التكتيك او سطحي المضمون تتباهى بل وتصر أن الكلمات واللحن لها. لا عليك الله اتحفتينا (بكلمة) لمحمد يوسف موسى، ولعل مثل هذا الإصرار يدلل على العقلية التي يتعامل بها بعض الفنانين أو بعض الفنانات بالأصح مع ما يتناولونه ويتناولنه من أغنيات لأن (الشلاقة) في الغناء يمكن أن نبلعها حتى لو كانت تصدر من صاحب أو صاحبة صوت متواضع لكن على الأقل أن يكون ما يصدره للناس من أغان على مستوى مقبول ومعقول وربما يجد (فرقة) في دواخل الناس لكن أن تكون الواحدة صورة من دون صوت وتبحث عن لقب فنانة والله إلا في بلد ما البلد دي إذ أننا سرعان ما (نتقيأ) ما يدخل جوفنا من كلمات وألحان أحياناً نسمعها غصباً عنا، وبعض الفضائيات اللامسؤولة تتصدى لمثل هذا المنتوج الفاسد الذي يعكس صورة غير مشرفة لبلد فيه من الشعراء ما يكون امبراطورية للشعر وفيه من الفنانين والفنانات ما يرسم حدود سلطة تتسورها قلاع الفن الراقي الذي لا تعبره أو تنفذ من خلاله مثيلات «سبتك بي مزاجي»!! لذا وبمنتهى الجدية إن كان الشاعر الشاب قد كلف محامياً ليطالب بتعويض من المغنية قدره خمسون مليون جنيه ومن فضائية زول التي بثت ما قيل إنه فيديو كليب لأنها هضمت حق الشاعر الأدبي والمادي لذا وبمنتهى الجدية بإمكاننا أن نرفع قضية ضد الشاعر والمغنية نطالب فيها بمبلغ اصفاره عشرة لأنهما آذيا أذواقنا وأخلا بتوازن القيم في دواخلنا. ومن حقنا أيضاً أن نقاضي الفضائية التي سمحت لمثل هذا العمل أن يبث وهو فاقد للقيمة الفنية والقيمة الإبداعية واعتمد فقط على شكل المغنية التي لم يكن لديها ما تعتمد عليه سوى هز الأكتاف. بالمناسبة اشعر بالسعادة وأحس أن الدنيا فيها خير عندما اسمع أن شاعراً كبيراً كعزمي أحمد خليل منح قصيدة لعصفورة الطرب السوداني عافية حسن التي اراحت جناحيها عن التحليق لفترة والفضاء الغنائي ينتظر أن تملأه زقرقة وتغريدا، اشعر أن الدنيا لسة بخير وأن مواسير الغناء استاذي ود إبراهيم هي مواسير صدئة ستتآكل وتنصهر بحرارة الطرب الأصيل والغناء الجميل، وقال «سبتك بي مزاجي» قال!! كلمة عزيزة رغم أنه غائب بجسده لكنه بيننا هذه الأيام بجميل حديثه ورائع كلامه وعذب مفرداته، هو الشيخ الجليل محمد سيد حاج الذي غيبه الموت فجأة شهيداً في سبيل لدعوة ونشر السيرة والفضيلة بين الناس. ورغم أني من عشاق احاديثه ولا افوت منها كلمة إلا أنني وبمشاعر إنسانية لا يد لي فيها أجد نفسي أتحاشى أن اركز معه في الحديث وهو من كان بيننا جسداً وروحاً فتفيض دموعي غصباً عني. لك الرحمة أيها الشيخ الشاب وجعل الله الخير والبركة في ذريتك. كلمة أعز لا زلنا نبحث عن محمود عبدالعزيز ما بين الحضور الصامت أو الغياب المتكرر في (أغاني وأغاني) على كلٍّ نعشم انفسنا بأن التقيل لقدام!!