{ يتخذ الراغب في الوصول إلى سوق ليبيا بأم درمان عدة طرق ومسارات أهمها ليبيا بالخلا وليبيا كرور وأنغولا بالإضافة للشارع الرئيس الذي يمر عبر ود البشير المحطة الشهيرة بأمبدة. { لكن فتية الهلال الأشاوس وفرسان الأسياد البواسل رسموا مساراً جديداً للباحثين عن الوصول إلى الجماهيرية أو حتى سوق ليبيا، وها هم اخترعوا طريقاً جديداً يسمى ليبيا بالجوع على خلفية التهكُّم والسخرية التي طفحت بها بعض الصحف وما تقيأته بعض الأقلام خلال الأيام الفائنة بلا مراعاة للمهمة الوطنية المنتظرة والواجب الذي أنيط به الهلال وهو يحمل وحيداً لواء الكرة السودانية ويدافع عن علم البلاد. { وما حدث قبل أيام يرقى لمستوى التخذيل وشق الصفوف وتثبيط الهمم غير أن الفرسان الذين تحصنوا ضد حملات الإفك والتشكيك المعتادة التي ظلت تنتاشهم سهامها سنوياً خرجوا كالعادة لمنازلة الاتحاد بسلاح العزم وقوة الإرادة فقهروا الصعاب وتجاوزوا المستحيل وفرضوا اسم السودان على كل لسان وأسكتوا الشمات بأم درمان قبل أن يخرسوا الأصوات بالميدان وتفوقوا طولاً وعرضاً وبسطوا السيطرة وحولوا صاحب الأرض إلى غريب ديار وغريب أهل. { أفلت التيحة من هزيمة ثقيلة تتحدث بسيرتها الركبان وتبارى لاعبو الهلال في إهدار الفرص السهلة مثلما تسابقوا في تقديم أرقى الفنون وسكبوا شهد الأداء الراقي على جنبات الملعب فتحول الضيف إلى مجرد متفرج انتعشت أبدانه بفواصل المتعة وانتشى بالسهرة الرمضانية الرائعة وعندما لم يجد طريقاً لمجاراة قاهر الأبطال استسلم لقدره ورضي من الغنيمة بالخسارة الخفيفة مخافة أن تسجل سجلات الكاف أكبر هزيمة لفريق على أرضه. { ترفق الهلال بصاحب الأرض وصعد الأبطال على سارية الأحداث وقدم الفريق واحدة من أجمل مبارياته الأخيرة وأكد جدارته وعلو كعبه وأحقيته بالاستمرار في المنافسة بل والفوز بها. { وجدد الهلال انتصاره الثاني على التوالي خارج أرضه ليؤكد أن الأول لم يكن ضربة حظ وأنه نتاج جهد مبذول وعرق مسكوب وتخطيط بعيد المدى لبلوغ منصات التتويج ولو تمنعت واستطال أمدها فإنها إلى الهلال صائرة طائعة. { تجاوز الفريق الأزرق المشاكل الإدارية والاستقالات والظرف المالي الحرج وكالعادة يتحول اللاعبون إلى ليوث تزأر وأسود تزمجر داخل الملعب تدافع باستماتة عن الشعار واللون وتتناسى في لحظات العشق والواجب المواجد الخاصة والمكالب الشخصية وتذود عن اللون بالمرتخص والغالي دليلاً على الولاء التام والوفاء للشعار. { أحسن الهلال استهلال المباريات وفتح أبواب الأمل لتوالي الانتصارات والترقي في المنافسة وبلوغ دور الأربعة وصولاً إلى النهائي وهو الفريق الأكثر تأهيلاً لبلوغ الهدف بالقياس على المستوى والتنائج والتاريخ والسمعة والصيت الحسن. { ظهر الهلال كأفضل ما يكون وقدم السهل الممتنع ووضع الخصم تحت الحصار منذ بداية المباراة وكان الأفضل والأكثر استحواذاً أحسن الانتشار والتراجع واللعب الجماعي وسد المنافذ على الخصم وطبق أفضل نظرية فنية وهي الهجوم لتأمين الدفاع ووضع الخصم داخل منطقته. { ساعدت الفريق لياقة بدنية عالية، وذهنية وقّادة ومتقدة مكنته من بسط سيطرته وفرض نفوذه بالتعاون التام بين الخطوط الثلاثة رغم بعض الهنات الدفاعية وهفوات المعز محجوب التي تتطلب عملاً كبيراً من عيسى الهاشماب خاصة في المعكوسات كما نرجو التنبيه لانزلاق المعز أكثر من مرة وهو ما تسبب في الهدف الأول وكاد أن يصيب الهلال مرة أخرى. { ونحيي شجاعة المدرب ميشو على التشكيلة التي خاضت المباراة وإشراكه العائد يوسف بقرار موفق وإصراره على اختيار واستمرار بويا الذي كان واحداً من نجوم المباراة دافع وهاجم وقدم مستوى رفيعاً يبشر بمستقبل كبير نرجو ألا نسرف عليه المدح حتى لا يعود عليه بنتيجة عكسية. { فاز الهلال بهدفين وحصد أغلى وأثمن ثلاث نقاط وجلس على الصدارة منفرداً كالعادة بعد أن تعادل الجيش النيجري ودي جوليبا المالي. { وأمام الهلال فرصة تاريخية لإعلان التأهل مبكراً ومن الخرطوم بالفوز في المباراة القادمة والارتفاع برصيده إلى ست نقاط ستصعب مهمة غيره وتعقد مباريات بقية الفرق. { وعلى الجهاز الفني واللاعبين تناسي الفوز الكبير وطي صفحة المباراة ونتيجتها والإقبال على التدريبات والمباريات القادمة بذات الإصرار والروح القتالية للزحف نحو صدارة الممتاز والاستمرار في الإعداد الجاد لمباراة الكونفدرالية المقبلة. { هناك العديد من الملاحظات على أداء الهلال ولكن دعونا نحتفل أولاً بالفوز ونثمن عالياً الانتصار ومن ثم لفت أنظار الجهاز الفني للثغرات وتوجيه اللاعبين لتلافيها.