{ هو الحاصل شنو؟ سؤال تتصاعد وتيرته ويجري على لساني مباغتاً إياي زي «مطيرة» أول أمبارح التي أكدت أن التخطيط الهندسي السليم هو آخر ما تعمل به أجهزة ولاية الخرطوم استعداداً للخريف بدلالات الشوارع التي جعلت من بعض المناطق «بندقية» سودانية على غرار مدينة البندقية الإيطالية لدرجة أن المياه تجمعت أعلى كوبري المنشية الجديد الذي يفترض أنه «منحني» طالما هو كوبري مما يدحض نظرية أن «تتركن» أعلاه قطرة مويه. { والحاصل شنو التي ابتدأت بها هذه الزاوية هي أيضاً ليست بعيدة عن تلبُّد الأجواء والبروق والرعد وربما الصواعق التي أصابت الوسط الفني السوداني وكله يهاجم كله بطريقة أقرب إلى الغلظة والوحشية في الوصف والقول. { والمدهش أن الوسط الفني الذي يحكي لنا عنه بعض الرواد ممن عاصروا الفترة التي شهدت ميلاد أجمل الأغنيات كان وسطاً تكافلياً تعايشياً للحد البعيد المنافسة فيه قائمة على درجة عالية من الرقي والعلاقات الإنسانية المتميزة وكثير جداً ما نسمع أن الفنان الفلاني قدم لحناً لآخر وأن الأغنية الفلانية جاءت نتاج ورشة اشترك فيها عدد من الملحنين والشعراء وحتى الفنانين لكن الآن هو الحاصل شنو؟ فما أن تفتح صحيفة أو تستمع لتصريح إلا وتجد هجوماً مدبباً ثلاثي الأبعاد النيران فيه من نوع الأرض أرض والأرض جو. { والكارثة أن الهجوم، أو لنقل ومن باب حسن الظن، النقد ليس موجهاً لعمل فني بعينه ولكن لأشخاص وبالاسم. فما الجدوى وراء تصريح كالذي صرح به الفنان عبد العزيز المبارك واصفاً فيه جمال فرفور بالمهرج وماذا يستفيد المتلقي والمستمع عندما «يفضي» غضبه لعدم استضافته في برنامج «أغاني وأغاني» ويهاجم «الرجل» الذاكرة السر قدور؟ { على فكرة الحكاية ليست في مجرد زعل من عدم الاستضافة في برنامج بعينه أو مشاركة معينة؛ الحكاية أن هناك شعوراً عدائياً واستعدائياً أصاب أفراد الوسط الفني من فنانين وشعراء وملحنين فجعلهم في حالة احتراب أو استعداد للحرب. { وبمناسبة (أغاني وأغاني) الذي تقوم فكرته في الأساس على اجترار الذكريات لميلاد أغنيات رسخت في ذاكرة المستمع السوداني والفنانون المشاركون فيهم كتر خيرهم يساهمون إسهاماً تاريخياً في إحياء هذه القيم الفنية لجيل ربما لم يسمع بها وما كان له أن يستمع لها في ظل الانحسار الرهيب لسوق الكاسيت وسيطرة ال«ام . بي ثري» المحتكر من الأغنيات العربية والكثير من «الراب» الحيخلينا قريب نقول «الروب». لذا لا أجد مبرراً في أن يطالب هؤلاء الشباب بترديد أغنياتهم الخاصة لأن هذه ليست لُب الفكرة ولا أصل الموضوع. { في كل الأحوال فإن الوسط الفني قلّت فيه نسبة الأوكسجين بدرجة عالية والمشاهد التي تبدو على سطحه مشاهد ليست جميلة ولا مشرفة لوسط يفترض أنه يعنى بالجمال والقيم والتسامح. { لكن وفي غمرة هذه اللوحة المرسوم معظمها باللون الرمادي تظهر على جنباتها بعض الإشراقات المفرحة كتنازل الفنان الكبير محمد وردي عن أغنيته «يا نجيمة» للفنان الشاب عمر جحا وهي ليست مجرد لفتة من أستاذ نحو واحد من تلاميذ الغناء الجدد لكنه درس في التواصل وفهم عميق لقيمة أن تظل الجسور ممدودة بين الأجيال المختلفة. وحتى يحذو الجميع حذو وردي أقول على الأقل أوقفوا الملاسنات المخجلة! كلمة عزيزة { واحدة من مشاكلنا الأزلية أن البعض لا ينظر إطلاقاً للنقد الذي يوجه له على أنه القصد منه أن يطور أو تطور من إيقاع الأداء لديه ويظن أنه بمجرد التلويح نحوه بنقد ما أنك قاصده وعندك معاه حاجة في الوقت الذي تكون لا تعرف عنه أكثر من اسمه الثلاثي والعمل الذي جعله إما يطل وجهاً من خلال الشاشة أو صوتاً ينساب عبر الأثير. { ولعلّي وبعدد حروف (عز الكلام) أتحري أن يكون النقد في «الصميم» لأن البعض يكاد يصيبني «بالصمم» و«الصمام» والواحدة بعد ده عايزه يهللوا ليها وتظن نفسها نشوى الرويني أو منى الشاذلي. { لكن بذات الصدق الذي نوجه به نقداً قاسياً لن أتوانى في أن أصفق ولو «لجدعة» عابرة تجعلنا نأمل في صاحبتها أو صاحبها بأنه ماشي خطوة لقدام. كلمة أعز { شكراً لكل من اتصل عليّ أو راسلني عبر البريد الإلكتروني متسائلاً عن احتجابي الأيام الماضية أو قلقاً على صحتي فأنا «بُمب» والحمد لله.