· يفرح بطريقة خاصة حين تحمله إلى الفرح تخيلاته العميقة، وهي تغوص في أحزانه وعثراته وحظوظه المتواضعة رغم مواهبه العديدة وقدراته الهائلة وكفاءته التي أخرست ألسن شامتيه، وسط كل هذه الأكوام من الأشواك ينفذ إلى أفراحه الخاصة، يفرح حين يدرك بذكائه وفطنته خاتمة النهايات قبل انطلاق البدايات، ويتصاعد فرحه مع تصاعد غباء الناس من حوله، يعجزهم فك شيفرة المسرحيات الساذجة وهي تعرض أمامهم، ضعيفة النص، سيئة الإخراج، قبيحة الأداء لممثلين أدمنوا الأدوار المبتذلة داخل مجتمعاتنا، فنهض العاطلون، عديمو المواهب يتقدمون الصفوف، يرسمون ملامح حياة الناس بتصرفاتهم القذرة وأفكارهم الميتة، ويتراجع أمامهم كل كريم وعاقل وحصيف وصاحب الفرح الخاص، فكم من فئة تافهة داخل كل قرية ومدينة وحي من الأحياء العريقة يصوبون حياتنا نحو مصالحهم الخاصة ويتسلقون مناسباتنا ومشروعاتنا وأفراحنا وأتراحنا وهم لا قيمة لهم ولا استحقاق يستحقونه غير رجمهم بأحذيتنا، وكل الناس في كل القرى والمدن يفعلون ذلك ويصفعونهم بكلمات الإهانة والاستهتار ولكنهم لا يبالون، يدوسون على كل شيء لأجل بلوغ غايات رخيصة ومصالح متواضعة تذوب سريعاً داخل أفواههم مثل «حلاوة قطن» ومن ثم يلهثون من جديد لأجل الحصول على قطعة حلوى أخرى، وهكذا يهرولون ويولون الأدبار جيئة وذهاباً يلمزون ويمشون بين الناس ويكذبون وينسجون روايات اجتماعية سوداء تماثل روايات الأزمة الكذوب في دارفور، كما نسجتها الآلة الإعلامية العالمية وأنتجتها أفلاماً بين يدي مخرجين يهود وبثتها في قنوات المؤامرة وشبكة النت الضلال ويتشدق بها رجل مثل عبد الواحد الذي يناضل بلسانه وأكاذيب تجري على لسانه، يتلكأ فيها ويكررها فتخرج ملعونة قبل أن يتفوه بها، ومثل عبد الواحد العشرات داخل تلك المجتمعات السودانية البسيطة مع تباين الأدوار واتساع الفارق، يخدعون الناس داخل مجتمعاتهم بذات الطريقة، فتنطلي عليهم الأكاذيب ويتسمم الإطار العام بمبادراتهم الهوجاء وجرأتهم المقيتة وينالون من البسطاء احتراماً زائفاً حين يقدمونهم حتى في الصلاة ويجلسونهم على دكة الجلوس في أفرشة العزاءات والناس من حولهم يفترشون الأرض قريباً من حياة الحزن. · صاحب الفرح الخاص يلتقط بذكائه حقيقتهم ويجردهم حتى من ملابسهم، فيطرقون أمام عريهم يتهامسون وتنتابهم موجة قلق متصاعد تعجز مهارتهم الاجتماعية الخطيرة أن تسعفهم، فتسقط الأقنعة وتبدو الوجوه ملائمة لحقيقتها، هو وحده يراهم على حقيقتهم الآن، فيهدأ روعهم حين يدركون أن الأغبياء من حولهم لا يرون ما يراه صاحب الفرح الخاص، فتنطلق ضحكاتهم مجلجلة وسط أحزان المعزين وعائلة الراحل العزيز تصفع صاحبهم وتهزأ به وتسخر وهي تومئ إليه بأنك وحدك تشذ داخل مجتمعك، تخلص من مواهبك وقدراتك ومن ذكائك، كن غبياً مثلهم أو انتهازياً مثلنا، لا توجد منطقة وسطى يا صاحب الوهم القديم. · ينهض صاحب الفرح الخاص حزيناً يشيح عن قلعة العزاء، يرحل مغادراً تطارده ضحكاتهم، وهي تتصاعد كلما ابتعد عنهم، تشاركها ضحكات المعزين وضحكات عائلة الراحل العزيز، العزاء كله يصرخ ضاحكاً...