·من هو المسؤول فى هذا البلد عن هويته و ثقافته و قيمه ؟؟ من هو القائد الذى تتسلح بمبادراته و وعيه و يقظته أمته حين تطحنها حرب ثقافية ملعونة تتسرب عبر مساماتنا فى حضرة مزاجنا و نشوتنا و متعتنا و غفلتنا ؟؟ أين هى المؤسسة التى رفضت دراهم الإعلانات تستعصم بهوية هذا البلد و قيمه و ثقافته بالرغم من بريق الشعارات التى ترفعها تلك المؤسسات و جمالها و جلالها و قدسيتها ؟؟ لا أحد يرفع قرارا أو يسن تشريعا أيها البرلمان العزيز يحفظ به بعض قيمنا و المتيسر من هويتنا و يصادر تلك الإعلانات الماجنة التى تضرب بقوة على لغتنا و سحناتنا و خيالنا و فكرتنا و تجربتنا مع الإعلان التلفزيونى كعمل إبداعى و كمادة ثقافية تزرع بجانب الدعاية للمنتج لغة جديدة أو حتى مفردات تدخل على لغته فتزيح كلامنا و تقدم وجها جديدا غير وجوه بناتنا و أولادنا و ألوان بشرتنا و تفتح الباب لنتخيل بطريقة المعلنيين الجدد و نمارس سلوكا جديدا مع تلك المنتجات حين نقبل عليها بذات الطريقة التلفزيونية و نبدأ نفكر مثلهم و تتراجع حظوظ تجربتنا مع هذا الفن الإبداعى التلفزيونى . ·تضيع المسؤولية عندما تتعلق العوارض بالمسألة الثقافية فتغض الوزارة طرفها و تترك مسؤولياتها لمؤسسات الدولة و الشركات و المنظمات الأهلية { تبرطع } كيفما شاءت فتترك الإعلان للتلفزيون و القنوات الفضائية ، و هذه ينحصر تفكيرها فقط فى العائد من هذه الإعلانات مهما كانت خطورته ، فلماذا لا تتحرك الوزارة المعنية تجاه مسؤولياتها مثلها مثل وزارات عدة سنت القوانيين و أقامت المؤسسات التى تقوم على أمر إنفاذ تلك القوانيين فحفظت البلاد و العباد من شرور محتملة و نضرب مثالا بهيئة المواصفات و المقاييس و هى تقوم بواجب كبير تجاه المواد المستوردة و المصنعة محليا ، حفاظا على حياة الناس و ممتلكاتهم ، ففى المقابل أليس من الواجب أن نخطو ذات الخطوات تجاه ثقافتنا و هويتنا و قيمنا و تجربتنا لاسيما و أن هناك مجلسا للمصنفات الأدبية و الفكرية و لكن تنقصه القوانيين فى بعض القضايا و تنقصه المبادرة فى هذا الجانب المتعلق بالإعلان التلفزيونى . ·فى أوروبا و أمريكا و العديد من دول الشرق الأوسط و أفريقيا تسن الدول تشريعات تحمى بها هويتها و ثقافتها و تحدد نسبا لبث المواد الأجنبية فى القنوات الوطنية و دور السينما و تحاصر الإعلان التلفزيونى و الإذاعى و الصحفى الذى يحمل مضامين أجنبية و إن تضاءل مقدارها ليس فى الصورة و حسب و إنما فى المكونات الأخرى فى الإعلان التلفزيونى و الإذاعى من موسيقى و مؤثرات و لغة الحوار و الشعارات المصاحبة للعمل الفنى . ·بالنسبة للمعلنيين ليس هناك ما يبرر هذا الخروج عن الإطار الوطنى و الثقافى السودانى ، فإن كانوا يبحثون عن جماليات الإعلان و قوة تأثيره على المشاهد و المستمع السودانى فإن ذلك ممكن و الدليل على ذلك أن عدد من الإعلانات التى تلتزم الإطار الوطنى بالكامل و تم إنتاجها بالداخل و بمكونات سودانية خالصة نجدها قد تفوقت على الإعلانات المستوردة من الخارج و قد رسخت فى الأذهان و بالإضافة الى ذلك نطالب المعلن السودانى بتشجيع الإنتاج الوطنى لاسيما و قد نهض سوق للإعلان تؤمه مئات الشركات و إتجه إليه العشرات من الفنانيين يتخصصون فى هذا المجال . ·كلية الموسيقى و الدراما مطالبة هى الأخرى بالإهتمام الجانب الأكاديمى و التأسيس لهذا العلم الذى يدرس فى عدد من الكليات المماثلة فى وطننا العربى و الأفريقى لسد ثغرة كبيرة فى جدار هويتنا و ثقافتنا السودانية . ·المسؤولية تطال مؤسسات عدة رسمية و شعبية و المبادرة تنتظر من يتقدم إليها و لو بورشة عمل عن الإعلان التلفزيونى و الأذاعى الأجنبى .