من العاصمة الليبية طرابلس عاد رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثابو أمبيكي إلى الخرطوم بعد لقائه رئيس حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم في ثلاثة لقاءات خلال يومين متتاليين 18 و19 سبتمبر الجاري، قبل أن يلتقي مساء العشرين من ذات الشهر برئيس الجمهورية عمر البشير ببيت الضيافة. رئيس لجنة حكماء أفريقيا أشار إلى أنه أخطر الرئيس البشير بالاتصالات التي أجراها مع شريكي الحكم حول قضايا الاستفتاء وأبيي والقضايا المتعلقة بمرحلة ما بعد الاستفتاء، كما أنه أطلعه على متابعته لملف دارفور مع مستشار رئيس الجمهورية غازي صلاح الدين وهو يبحث عن خيوط الحل داخلياً وإقليمياً ودولياً. إلى ذلك تبذل جامعة الدول العربية مجهوداً في إيجاد مخرج، وينوه مبعوثها السفير صلاح حليمة إلى مبادرتهم العربية الأفريقية برئاسة دولة قطر لإيجاد التسوية السياسية الشاملة لأزمة دارفورعبر المفاوضات التي تستضيفها الدوحة، وأشار حليمة كذلك إلى دور الجامعة في دعم اتفاق أبوجا بجانب اتفاقيات السلام في السودان، لكن مجهودات العرب والأفارقة تصطدم بربط حركة العدل والمساواة الرجوع إلى منبر الدوحة بتحقيق الإصلاحات التي طالبت بها، وكشف المتحدث الرسمي باسم حركة العدل أحمد حسين في اتصال هاتفي مع (الأهرام اليوم) من مقر إقامته بلندن عن ثلاثة لقاءات برئيس الحركة خليل إبراهيم، الذي تستضيفه طرابلس، مع وفد حكماء أفريقيا بقيادة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو أمبيكي ورئيس ملاوي السابق بويويا. وبحسب أحمد فإن اللقاءات تناولت كافة الموضوعات المتعلقة بالسلام في السودان ودارفور وتقرير لجنة الحكماء وتوصياتها وما تم تنفيذه منها وما لم يتم، وموقف الحركة من الإستراتيجية الجديدة للحكومة، كما تناولت اللقاءات سبل إصلاح منبر الدوحة وكيفية تحريك العملية السلمية، والأوضاع الإنسانية المأساوية في معسكرات النازحين، والتردّي الأمني في إقليمي دارفور وكردفان، وأوضاع حقوق أسرى الحركة والسجناء، بجانب استفتاء جنوب السودان، ووصف المداولات في هذه اللقاءات بالشفافة والصريحة، واتفق الطرفان على مواصلة الحوار في المستقبل القريب. المتحدث الرسمي باسم العدل نفى أن يكون اللقاء قد تناول إيجاد منبر جديد للتفاوض قبل أن يؤكد تناوله موقف الحركة بخصوص منبر الدوحة، مضيفاً بالقول: «نحن لسنا ضد السلام ولكن نطالب بإصلاح جذري للعملية السياسية»، كما كشف عن تقديم ورقة متكاملة من الحركة لأمبيكي بخصوص رؤيتها للأوضاع في السودان. بخلاف ذلك تأتي شروط رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور بالتفاوض مع الحكومة عقبةً ثانية وهو يستخدم ورقة النازحين من أبناء جلدته الفور الذين درج على مخاطبتهم داخل المخيمات، يمنيهم ويغريهم بالتعويضات الفردية بعد أن فقدوا كل شيء في الحرب اللعينة وباتوا ينتظرون المعونات الإنسانية. الحكومة أعلنت جاهزيتها لاستئناف المفاوضات، ونقلت (سونا) عن الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي قوله إن طاقمهم التفاوضي جاهز للذهاب إلى الدوحة بكامل لجانه لمواصلة العملية بهدف التوصل إلى السلام النهائي والشامل قبل نهاية العام الجاري ليطوي أمد الحرب في دارفور، وزاد «إذا صدقت النوايا سنصل إلى الحل ونحن متفائلون بالوصول إلى التسوية الشاملة لأزمة دارفور»، منوهاً إلى أن الجولة المقبلة ستبدأ من حيث انتهت الجولة السابقة. وأعرب د. عمر عن أمله في التوصل إلى سلام حقيقي، وتوقع أن توقع جميع أطراف عملية سلام دارفور على اتفاق سلام نهائي قبل نهاية العام الجاري، وقال: «نأمل أن تكلل المشاورات والاتصالات بين الوساطة وكافة الحركات بانضمام كل من خليل إبراهيم وعبد الواحد محمد نور إلى مفاوضات الدوحة داعياً الحركات المسلحة إلى المشاركة والانضمام لهذه المفاوضات بدون شروط حتى يكون السلام شاملاً لا يستثني أحداً». لكن المتحدث الرسمي باسم حركة العدل والمساواة أحمد حسين أشار إلى أن الرجوع إلى التفاوض سابق لأوانه وأنها تنتظر من الوسيط الدولي جبريل باسولي تأكيده على اجتماعه برئيس الحركة خليل إبراهيم في دارفور مشيراً إلى أن إستراتيجية الحكومة وضعت منبر الدوحة خلفها ولم تضعه في أولوياتها». وفي ذات السياق أكد منسق الشؤون الإنسانية بحركة العدل سليمان جاموس ل (الأهرام اليوم) من مقر إقامته بسلوفينيا أن «منبر الدوحة يحتاج إلى إصلاحات ولهذا السبب خرجنا منه وإن تمت الإصلاحات فنحن سنرجع إلى الدوحة ويمكننا أن نحقق السلام (الليلة قبل بكرة) إذا كانت هناك جدية من الحكومة ولديها نية في تحقيق السلام الذي يمثل لنا خياراً إستراتيجياً». وفي سياق آخر كشفت حركة العدل عن لقاء بين وفدها بالعاصمة البريطانية لندن برئاسة رئيس المجلس التشريعي الدكتور طاهر آدم الفكي وعضوية كل من الأستاذ أحمد حسين آدم الناطق الرسمي باسم الحركة والدكتور جبريل إبراهيم محمد أمين الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بوفد من الخارجية الكندية ضمّ سكوت براودفوت رئيس وحدة السودان والسيدة روبن مسؤولة ملف دارفور. قريب من ذلك أجرى المبعوث الأمريكي للسودان سكوت غريشن اتصالاً هاتفياً بالدكتور جبريل إبراهيم بخصوص الأسباب التي دعت الحركة إلى تجميد مشاركتها في منبر الدوحة بعد أن كانت المحرك الأساسي له، وضرورة إدخال إصلاحات جذرية في طريقة إدارة المحادثات إذا أريد للحركة أن تعود إلى المنبر، هذا مع التأكيد على أن التسوية السلمية المتفاوض عليها خيار الحركة الإستراتيجي. العدل من جانبها أشارت إلى أنها لا تستطيع الذهاب إلى أي منبر للسلام وسيف الإكراه مسلط على رقبتها، ولا يمكنها اتخاذ أي قرارات مصيرية دون مشورة قواعدها العسكرية والمدنية وذلك بالعودة إليها في مواقعها، مما يتطلب ضمان حرية وسلامة حركة قيادات الحركة بين دارفور ومواقع المفاوضات بواسطة الأممالمتحدة والأطراف الراعية للمفاوضات. ويشير أحمد حسين إلى أن أمين العلاقات الخارجية جبريل إبراهيم شرح لمبعوث الرئيس الأمريكي الأوضاع الإنسانية المتردّية في معسكرات النزوح وقد أخذ مبعوث أوباما علماً بملاحظات أمين العلاقات الخارجية للحركة ووعد بنقل ذات الرسائل التي بلغها إلى الطرف الآخر وبمواصلة الحوار في وقت لاحق.