التوانسة عمليون، ولذلك لم ينهزموا أمام الكلاب السعرانة، فأضافوا لحملات الإبادة التقليدية، وسيلة جديدة هي تعقيم إناث الكلاب .. لتتوقف عن الإنجاب ! الكلاب التونسية، وفقا لتقارير صحفية، قامت بممارسة العض ل 35 ألف شخص خلال عام 2008، في حين يبلغ متوسط (المعضوضين) سنويا بتونس في حدود 30 ألف شخص، وهذا ما جعل سلطاتهم ترصد كل عام أكثر من مليون يورو، لشراء اللقاحات المضادة لمرض السعار ! طبعا، لا إحصاءات لدينا في السودان، ولا أرقام معلنة عن المعضوضين، كما أننا لا نهتم بهذا الملف أصلا، فقد تكاثرت الظباء على خراش، ولم نعد قادرين على حك رؤوسنا، لأننا نغرق في المشاكل حين تتفجر بقوة، فننسى مشاكل أخرى تقوم بالإحماء على الخط، لتشارك لاحقا في مباراة المصائب المنهمرة على الرؤوس! السودان طبعا أعقد شأنا من تونس، فثروتنا الحيوانية أكبر منها، ومساحتنا الجغرافية حتى الآن أكثر اتساعا (!!) ولذلك فإن عمليات العض لا تأتي فقط من الكلاب المشردة العقورة، لكنها قد تأتي من القرود، وما أكثرها ! كما قد تأتي من الذئاب، والضباع، والثعالب، وتمتد القائمة لتشمل النمور والفهود وبعض الخفافيش وحتى القطط والفئران ! وما دمنا قد ذكرنا الفئران، فإن هذا الكائن هو الأوفر حظا في التكاثر، ونحن نملك نصيب الأسد منه، لكننا لا نعرف عدد ثروتنا الحيوانية منه، رغم أنه يندر وجود منزل خال من الجقور بمختلف أشكالها وأنواعها ! والسعوديون، بالمناسبة، يعانون مثلنا من الفئران، وكثيرا ما ارتفعت الشكاوى، خصوصا غربي المملكة، من الوجود الكبير للفئران، ومعظمها من (الحجم العائلي) بسبب التغذية الجيدة، وقد رصدت أمانة جدة العام الماضي مبلغ ستين مليون ريال لمكافحتها، وأعدت خطة محكمة كان لها أثر كبير في محاصرة هذه الجيوش، وتقليص الأوبئة والأمراض التي تتهدد الناس جراء تكاثرها . ومن غرائب القصص، ما حكته لي إحدى الزميلات من أن والدتها قد تعرضت لعضة قاسية من .. (حمار)، حيث صادف مرورها بالقرب منه بشارع في إحدى الولايات، وقالت إن هذه العضة، قد تسببت في أضرار بليغة لذراع الضحية .. وأصابتها بعاهة ستعاني منها بقية حياتها ! أحد الأصدقاء قال لي إن السودانيين لا يعانون فقط من عض الحيوانات العقورة، لكنهم يعانون من مصائب أشد عضا، ومنها الأسعار التي تعض بلا رحمة، والحصار الذي يعض ويمزق اللحم، وضعف البيئة ونقص البنيات التحتية التي تعض وتنهش، إضافة للعطالة والبطالة والعنوسة وانقطاعات الماء والكهرباء، وتلوث المياه .. وكلها من البلاوي العقورة التي تؤدي بسهولة وسلاسة .. للتهلكة ! شخصيا، أحس بالاحترام للتجربة التونسية، والأسلوب الحكيم في محاربة الكلاب الضالة، فالوسائل التقليدية للإبادة بالتسميم أو البارود خطيرة وغير كافية، فكان لا بد من حلول ذكية .. تتمثل في اقتلاع المشكلة من جذورها، وتعقيم إناث الكلاب من الإنجاب، قفلا للباب الذي تأتي منه الريح ! نحن أحوج للحلول الذكية، فالمصائب العقورة أكثر وجودا عندنا، ومكافحة مصادر العض حيوانية ومادية ومعنوية أولوية .. لو علمتم يا أولي الألباب !