من أكلها فقد فات أوان حمايته .. أما من لم يأكل لحوم الحمير والكلاب التي تسربها بعض الجزارات كما نسمع .. فمن الواجب حمايته . كل شيء في السودان وارد، فمن الممكن أن يأكل الناس النيم، والبرسيم، والهواء، ومن الوارد أيضا أن يأكلوا (كلام سياسة)، وأن يغمضوا أعينهم ليلا على أمل غد زاهر لا تلوح ملامحه، وأن يشربوا ماء عكرا حامدين وشاكرين على نعمة البقاء على قيد الحياة . لكن المشاكل ليست حكرا على السودان، على الأقل في الجانب المتعلق باللحوم، فقد عاش بعض الجيران حكايات وحكايات في أكل لحوم الحمير والكلاب، ولا أدري لماذا الحمير والكلاب وهناك الحصين والأفيال والزراف والأسود والنمور والفهود والقرود وغيرها .. مما يمكن تصديره .. ويكسر الاحتكارية للكلاب والحمير اللاحمة منها وغير اللاحمة ؟! بالأمس .. تطايرت الأنباء عن غزو اللحوم الغريبة لأسواق لندن نفسها، حيث قالت الأخبار إن أسواق العاصمة العجوز .. تشهد عمليات تسويق نشطة لبيع لحوم الفئران، التي باتت تدخل البيوت والمطاعم وغيرها .. عن طريق بعض الأسواق الشعبية للمواد الغذائية شرقي لندن ! الخبر الذي أوردته صحيفة (اندبندانت) البريطانية، قال إن لحوم الجرذان (المستوردة) من غانا .. تُباع في عدد من محال الجزارين في منطقة دالستون بحي هاكني شرق لندن، إلى جانب لحوم الماعز والغنم. وأشارت إلى أن الجرذان التي تعيش في حقول قصب السكر تُعتبر من أطباق اللحوم المفضّلة في غانا . بصراحة لم أستغرب وجود أكلة للحوم الفئران، فالفئران، وخصوصا فئة الجقور، تستحق الأكل بما تملكه من مخزون لحمي مفيد وقت الأزمات، كما أن بعض الجقور، خصوصا جقورنا المحلية .. لا نجد ما يرد جرائمها في حقنا .. بعد أن أكلت أموالنا بالباطل، واقتحمت مطابخنا، وغزت مستودعاتنا ومزارعنا، سوى أن نسلط عليها من يأكلها .. ما دام هناك من يرغب في ذلك ! لكن ما أدهشني بالفعل، هو أن لندن تستورد لحوم الفئران .. فوالله لم أكن أعرف أن لحوم الفئران يتم تصديرها، وما دامت هناك دول تصدر لحوم الفئران .. فلماذا نضيع وقتنا في البكاء على البترول، والتهالك على التنقيب عنه، في حين أننا نملك ثروة من جقورنا السودانية الأصيلة .. بما يمكن أن يغنينا إلى أبد الآبدين . الخبر الذي نشرته أيضا بعض صحافة الخليج، يضيف أن بلدية هاكني تجري حالياً عمليات تفتيش بصورة منتظمة على سوق اللحوم، وتعهّدت باتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين. كما نسبت إلى خبير في الصحة البيئية قوله "الأمر كله غير قانوني ولم يمر على الرقابة الصحية ولم يخضع للتفتيش خشية أن تكون لحوم الجرذان ملوثة". وأضاف : "هناك مخاوف من مستوى التلوث في هذه اللحوم، ويتعيّن على السلطات المعنية التأكد من ذلك قبل أن تصل هذه اللحوم إلى مطابخ محبيها" . هل قرأتم مثلي كلمة (محبيها) ؟ وهل توقفتم مثلي عند توجسهم من تلوث اللحوم لا من نوعيتها ؟! لسنا وحدنا في المصائب، لكنني أتحسر فقط على عدم استغلالنا لثروتنا الفئرانية .. راكضين خلف السراب البترولي، ولاطمين الخدود على لحوم الكلاب والحمير التي تسربت لبعض الأمعاء البشرية .. في زمن الفاقة والجوع !