يسعى المشروع الصهيوني العالمي الكبير الذي تقوده الصهيونية العالمية لتمزيق وتفتيت وحدة البلاد وتقسيم الدول العربية والإسلامية. اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م مثلت بداية تنفيذ هذا المشروع حيث انقسم العالم العربي والعالم الإسلامي إلى قسمين قسم يؤيد الاتفاقية والقسم الآخر يعارضها. معسكر الرفض والتحدي للاتفاقية قادته دولة العراق الشقيقة. وضم هذا المعسكر ليبيا وسوريا واليمن والجزائر وتونس. لقد أضعفت هذه الاتفاقية الأمة العربية كثيراً حيث أنها عزلت مصر عن محيطها العربي وتمثلت حالة الإضعاف العربي والانقسام الذي أفرزته هذه الاتفاقية في نقل جامعة الدول العربية من مقرها الدائم بالقاهرة إلى تونس كما تولى الشاذلي القليبي منصب الأمين العام للجامعة العربية. هكذا أصبحت أكبر قوة سياسية وعسكرية خارج المواجهة العربية الإسرائيلية. السودان بالرغم من مساندته لمصر وتأييده لاتفاقية كامب ديفيد إلا أنه لم يسلم من أذى الصهيونية العالمية كما تأذى أيضاً من بعض دول الرفض والتحدي التي دعم بعضها حركات التمرد. كذلك لم تسلم من الأذى دولتا الصومال وفلسطين بالرغم من قبولهما لاتفاقية كامب ديفيد. دول الرفض والتحدي تم تصنيفها بالدول المارقة على السياسة الأمريكية بالمنطقة وبدأت الصهيونية العالمية بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية في تأديب هذه الدول المارقة واحدة بعد الأخرى حيث بدأت بالحصار السياسي والاقتصادي على ليبيا ثم دمرت الصومال ومزقته ثم ضربت العراق واحتلته ودمرته أيضاً كما ضربت لبنان وأشعلت الحرب بين اليمنين الجنوبي والشمالي كما أحدثت الاضطرابات السياسية والاقتصادية وأعمال العنف في كل دول الرفض والتحدي، أما السودان فقد نال القسط الأكبر من العقوبات بعد أن وصفته الولاياتالمتحدةالأمريكية بأنه أصبح يهدد أمنها القومي وسوف لا تسمح له بالاحتفاظ بأراضيه الشاسعة واستغلال ثرواته وموارده الضخمة. ومن أجل تحقيق ذلك تبنت الصهيونية العالمية والولاياتالمتحدةالأمريكية إستراتيجية شد الأطراف ثم قطعها حيث خططت الولاياتالمتحدةالأمريكية في إطار تنفيذ هذه الإستراتيجية لعمليات (الأمطار الغزيرة) وعمليات (القفزة الأخيرة) التي شاركت فيها كل دول الجوار الأفريقي حيث حشدت الولاياتالمتحدةالأمريكية لهذه العمليات كل الإمكانيات التي تضمن لها النجاح ولكن صمود القوات المسلحة وثبات المجاهدين وقوات الدفاع الشعبي والقوات النظامية الأخرى والدعم الشعبي للمجهود الحربي كان لكل هذا دوره وأثره الكبير الذي أفشل على الولاياتالمتحدةالأمريكية كل مخططاتها ومؤامراتها مما دعاها إلى تغيير إستراتيجيتها العسكرية واتباع الحلول السياسية. ومن هنا جاءت اتفاقية نيفاشا (الكارثة). الجدير بالذكر أن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية خلال تلك الفترة كانت تجوب بطائرتها على كل الدول الأفريقية المشاركة في عمليات شد الأطراف لوضع اللمسات الأخيرة لتنفيذ العمليات وكانت تحمل معها في طائرتها بعض عناصر المعارضة. ومع انطلاقة عمليات شد الأطراف قالت لأفراد المعارضة الذين تقلهم في طائرتها (استعدوا الآن للعودة لتحكموا بلادكم). ولكن صمود القوات المسلحة وثبات المجاهدين وقوات الدفاع الشعبي والقوات النظامية الأخرى كان لكل هذا أثره الكبير في هزيمة القوات المعادية بكفاءة نادرة مما أدى الى إلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني العالمي وإفشاله. بعد أن فشلت الولاياتالمتحدةالأمريكية في المواجهة العسكرية لجأت لأسلوب توقيع الاتفاقيات المشبوهة لإضعاف القوات المسلحة التي تمثل رأس الرمح في المقاومة الشرسة التي واجهتها في عمليات شد الأطراف. برتكول الترتيبات الأمنية يعتبر أكبر مؤشر على إضعاف القوات المسلحة. رحم الله الرئيس المصري جمال عبدالناصر الذي قال (ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة) ذلك هو قدر العسكريين الذين يتحملونه بوطنية عالية لا تعرف التردد. الولاياتالمتحدةالأمريكية بالرغم من امتلاكها لأحدث ما أنتجته الترسانة العسكرية العالمية وبالرغم من رئاستها للنادي النووي الدولي إلا أنها لم تكسب حرباً حيث أن التاريخ العسكري قد سجل لها الهزيمة العسكرية في حرب فيتنام حيث خرجت منها وهي تجرجر أذيال الهزيمة كما تفعل اليوم بخروجها المشين وهروبها أمام المقاومة العراقية وكما تفعل الآن بهروبها من المقاومة الأفغانية وكما فعلت أمام مقاومة حزب الله الشرسة بجنوب لبنان ومقاومة (حماس) في قطاع غزة والمقاومة الصومالية عند بداية دخول القوات الأمريكية للصومال. هزيمة المشروع الصهيوني العالمي لا تتم إلا بالمقاومة الشرسة والروح الجهادية التي تثير الرعب والخوف في نفوس الأعداء. لا يمكن لعاقل أن يدعو للحرب ولكن الحرب مفروضة علينا ويجب علينا مواجهتها بكل ما نملك من عناصر القوى الكثيرة المتوفرة لدينا. نقاط الضعف في المشروع الصهيوني العالمي كثيرة وهي معروفة للجميع ولابد لنا من استغلالها بذكاء حتى نتمكن من إلحاق الهزيمة به بكل سهولة ويسر. علينا أن نتذكر بأن اليهود والنصاري سوف لن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم. إن مناداة باقان وعرمان بعلمانية الدولة مقابل الوحدة تمثل أجندة خارجية ولهذا ينبغي التعامل معها على هذا الأساس. صراعنا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد وصفها للسودان بأنه أصبح يهدد أمنها القومي أصبح صراع مصالح، وتحسين العلاقات معها لا يتم إلا عبر حوار إستراتيجي يتم فيه طمأنتها وإزالة مخاوفها والتأكيد لها على أن مصالحها مرعية. العلاقات الأمريكية مع كل دول العالم مبنية على حماية مصالحها الإستراتيجية. علينا أن نتذكر هنا بأن علاقات السودان في عهد حكم ثورة 25 مايو كانت متطورة وقوية حيث كان السودان صديقاً لأمريكا. وكانت المساعدات الأمريكية تمثل دعماً مقدراً لميزانية الدولة وليس هنالك ما يمنع من عودة العلاقات بين البلدين إلى تلك المرحلة عن طريق الدبلوماسية الذكية. ختاماً إن هزيمة المشروع الصهيوني العالمي تتطلب دعم القوات المسلحة دعماً يمكنها من إلحاق الهزيمة بهذا المشروع وإفشال كل مخططاته ومؤامراته وبالله التوفيق. فريق أول ركن - زمالة كلية الدفاع الوطني أكاديمية نميري العسكرية العليا